نام کتاب : أين الإنصاف نویسنده : وفيق سعد العاملي جلد : 1 صفحه : 30
" أنه في زمن عثمان لما خرج أبا ذر إلى الشام بقي أياماً فتشيع جماعة كثيرة ثم أخرجه معاوية إلى القرى ، فوقع في جبل عامل فتشيعوا من ذلك اليوم " . والحر العاملي لا ينسب هذا الكلام إلى أصل أخذه عنه وكذلك لا نجده أو ما يشبهه في المصادر الأكثر قدماً ، ولا المتأخرة عنه ، مما يدل على أنه أخذه من نقولات متداولة محلية أعني الوطن الأول للحر العاملي ، ولكن شاع وذاع فيما بعد خصوصاً في الكتابات الحديثة وأخذ بها أخذ المسلمات . . والذين يأخذون بهذا التفسير لانتشار التشيع في جبل عامل يستدلون على صحته بوجود مشهدين منسوبين إلى هذا الصحابي الجليل في قريتين عامليتين هما " الصرفند الساحلية " و " ميس الجبل " في الأعالي الجنوبية ما يزالان معروفان حتى يوم الناس هذا . ومن الجدير بالذكر أن الحر العاملي لا يشير إلى هذين المشهدين ولكن هذا الإغفال منه في رأينا لا دلالة خاصة له ، ذلك أننا نعرف جيداً أنه أبعد ما يكون عن استقصاء المعلومات في موضوع بحثه من هذا الباب ، خصوصاً ، أنه لا يعالجه معالجة مستقلة ، بل في سياق القول أن التشيع في " جبل عامل " هو أقدم منه في بلد آخر عدا " المدينة " . والحق أن العناصر التاريخية في هذا الكلام نادرة جداً في حين أن العناصر الأسطورية في الغاية من الوضوح والجلاء " [1] . دور مزدوج وسيف ذو حدين هذا العامل من النقولات الشعبية في " بحوث " و " دراسات " " المؤلف " بناء على ما نقلناه عنه ، سيف ذو حدّين ، يستطيع حامله - وهو الشيخ المهاجر وحده - أن يضرب به كيفما أراد وشاء ، حتى أنه يستطيع أن يثبت به الحقيقة التاريخية من جهة ويستطيع أن يؤرخ للأسطورة وأن يجعل منها تأريخاً في آن معاً ! ! وربما أمكنه به نفي الحقائق أيضاً ! ! إذ يكفي أن تكون القضية متداولة بين الناس للحكم بثبوتها تارة ، وإن كانت عناصرها التاريخية نادرة ، بل معدومة ، كما هو الحال في قضية السيدة سكينة ، ثم الحكم بنفيهما أخرى أو جعلها أسطورة وإن كانت عناصرها التاريخية متوفرة وكثيرة ومتنوعة ومتضافرة ، كما هو الحال في قضية دور وفضل أبي ذر في تشيع أهل جبل عامل . .