لقصواء فرحلت له فركب فوقف للناس بالعقبة ، واجتمع له ما شاء الله من المسلمين فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد أيها الناس ، فإن كل دم كان في الجاهلية فهو هدر ، وإن أول دمائكم أهدر دم ربيعة بن الحارث ، كان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل . وكل ربا كان في الجاهلية فهو موضوع ، وإن أول رباكم أضع ربا العباس بن عبد المطلب . أيها الناس إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم ، رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ، إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ، ليواطئوا عدة ما حرم الله . كانوا يحلون صفر عاماً ويحرمون المحرم عاماً فذلك النسيء . يا أيها الناس : من كانت عنده وديعة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها . أيها الناس : إن الشيطان أيس أن يعبد ببلادكم آخر الزمان ، وقد رضي منكم بمحقرات الأعمال ، فاحذروا على دينكم محقرات الأعمال . أيها الناس : إن النساء عندكم عوان ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، لكم عليهن حق ولهن عليكم حق ، ومن حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم غيركم ، ولا يعصينكم في معروف ، فإن فعلن ذلك فليس لكم عليهن سبيل ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، فإن ضربتم فاضربوا ضرباً غير مبرح .