هنا تجلت آية العصمة من الناس مجسمةً للعيان . . فقد كمَّمَ الله تعالى أفواه قريش عن المعارضة ، وفتح أفواههم للموافقة ، فقالوا جميعاً : نشهد أنك بلغت عن ربك . . وأنك نعم الرسول . . سمعنا وأطعنا . . وتهافتوا مع المهنئين إلى خيمة علي . . وكبروا مع المكبرين عندما نزلت آية ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ) ! ثم أصغوا جميعاً إلى قصيدة حسان بن ثابت في وصف نداء النبي صلى الله عليه وآله ، وإبلاغه عن ربه ولاية علي عليه السلام من بعده . واستمرت التهنئة من بعد صلاة العصر إلى ما شاء الله . . وبعد صلاة المغرب والعشاء تتابع المهنئون لعلي على ضوء القمر ليلة التاسع عشر من ذي الحجة . . فقد بات النبي صلى الله عليه وآله في غدير الإمامة ، وتحرك إلى المدينة بعد صلاة فجره . . وقيل بقي فيه يومان ! أما كيف سلب الله تعالى قريشاً القدرة على تخريب مراسم الغدير . . وكيف كف ألسنتها . . وهي السليطةُ بالاعتراض . . الجريئةُ على الأنبياء ؟ ! وكيف جعلها تفكر بأن تمرر هذا اليوم لمحمد صلى الله عليه وآله كي يفعل لبني هاشم وعليٍّ ما يشاء ؟ ! ذلك من عمله عز وجل ، وقدرته المطلقة . . المطلقة ! وما نراه من الظاهر هو الأسلوب الأول الذي عصم الله به رسوله من ارتداد قريش ، ولا بد أن ما خفي عنا من ألطافه تعالى أعظم . أما الأسلوب الثاني فكان لغة العذاب السماوي ، التي لا تفهم قريش غيرها كما لم يفهم غيرها اليهود في زمان أنبيائهم ! !