فلو كان خروجه يوم الخميس الرابع والعشرين من ذي القعدة ، لبقي في الشهر ست ليال قطعاً : ليلة الجمعة والسبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء . فهذه ست ليال . وقد قال ابن عباس وعائشة وجابر إنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة وتعذر أنه يوم الجمعة لحديث أنس ، فتعين على هذا أنه عليه السلام خرج من المدينة يوم السبت ، وظن الراوي أن الشهر يكون تاماً فاتفق في تلك السنة نقصانه ، فانسلخ يوم الأربعاء واستهل شهر ذي الحجة ليلة الخميس . ويؤيده ما وقع في رواية جابر : لخمس بقين أو أربع . وهذا التقريب على هذا التقدير لا محيد عنه ولا بد منه . والله أعلم . انتهى . ويظهر من كلام ابن كثير عدم اطمئنانه بهذه التقديرات ، لأنه رأى تشكيك الخليفة عمر نفسه ، وتشكيك سفيان الثوري الذي رواه البخاري ، وتشكيك النسائي . وجزم ابن حزم بأن سفره صلى الله عليه وآله كان يوم الخميس . ونلاحظ أنه استدل على أن خروج النبي صلى الله عليه وآله يوم الخميس بالمصادرة على المطلوب فقال ( لما ثبت بالتواتر والإجماع من أنه عليه السلام وقف بعرفة يوم الجمعة ) ، فأي تواترٍ وإجماع يقصد ، وما زال في أول البحث ؟ ! كما أنه استدل على أن سفر النبي صلى الله عليه وآله لم يبدأ من المدينة يوم الجمعة برواية أنس أن النبي صلى الظهر والعصر ولم يصل الجمعة ، وهو استدلالٌ يؤيد قول أهل البيت عليهم السلام بأن بدء سفره كان الخميس لأربعٍ بقين من ذي القعدة ! وقد تقدمت الرواية عندنا أنه صلى الله عليه وآله صلى الظهر والعصر في ذي الحليفة .