فقد كذب ، والله يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك . . الآية . انتهى . ثم كرر البخاري ذلك في : 6 / 50 و 8 / 210 ، ومسلم : 1 / 10 ، والترمذي : 4 / 328 . . . وغيرهم . ولكن هذه العملية من خصوم علي عليه السلام تتضمن مغالطتين : في توسيع معنى المأمور بتبليغه ، وتوسيع المأمور بتبليغهم ! كما تتضمن تحريفاً لمقولة علي عليه السلام وشيعته ! فليس كل ما قاله الله تعالى لرسوله أوجب عليه أن يبلغه . . فإن علوم النبي صلى الله عليه وآله وما أوحى الله إليه ، وألهمه إياه ، وما شاهده في إسرائه ومعراجه . . أوسع مما بلغه لعامة الناس ، بأضعافٍ مضاعفة ، ولا يمكن أن يوجب الله تعالى عليه تبليغها ، لأن الناس لا يطيقونها حتى لو كانوا مؤمنين ! ولا كل شيء أمره أن يبلغه ، أمره أن يبلغه إلى كل الناس بدون استثناء . . فهناك أمور عامة لكل الناس ، وقد بلغها لهم ، وأمور خاصةٌ لأناسٍ خاصين مؤمنين أو كافرين ، وقد بلغها لأصحابها ، مثل قوله تعالى ( قل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً ) . . إلخ . ولم يقل عليٌّ عليه السلام ولا أحدٌ من شيعته إن النبي صلى الله عليه وآله لم يبلغ ، بل قالوا إنه كلم الناس على قدر عقولهم وعلى قدر تحملهم وتقبلهم ، وأنه لذلك بلغ علياً عليه السلام أكثر من غيره ، واستودعه علومه كما أمره الله تعالى . . وليس في هذا تهمة بعدم التبليغ ، كما زعم القرطبي والقسطلاني . بل هي قولٌ بتبليغ إضافي خاصٍ بعلي والزهراء والحسنين عليهم السلام !