تمام الاختيار والحرية ، والقدرة على أن يفعل أو لا يفعل . ولكنه حيث يراه منافياً لإنسانيته ، وموجباً للنقص والتلاشي لكمالاته وخصائص شخصيته ؛ فإنه لا يقدم على ارتكاب ذلك الأمر القبيح مهما كانت الظروف ، وأياً كانت الأحوال ، تماماً كما ( وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ) [1] . مع قدرته تعالى على ذلك ، والسبب هو منافاة ذلك لمقام ذاته الأقدس ، ولكماله ، وعدله ، ولألوهيته سبحانه . وكما لا يقدم الإنسان العاقل والمتوازن على شرب السم . وكما لا يقدم الطفل على وضع يده في النار ، وكما لا تقدم الأم على ذبح ولدها ، ولا على فعل كثيرٍ من الأشياء التي يرى الإنسان : أن فعلها مخل بكرامته ، وبشخصيته . فاتضح : أن مراد علمائنا من قولهم : إن الإرادة في آية التطهير تكوينية لا تشريعية هو ذلك ، وليس المراد : أن العصمة مخلوقة فيهم بصورة إجبارية ، بحيث يفقدون معها القدرة على المخالفة هنا ، والموافقة هناك . خروج الآية عن مورد البحث : ونحن ، وإن كنا قد قلنا ، إننا قد لا نمنع من أن يكون ما أراده علماؤنا الأبرار ( رضوان الله تعالى عليهم ) صحيحاً ، ولكننا أوضحنا أيضاً أننا نرى : أن للآية الشريفة التي هي مورد البحث منحى آخر ، وأنها