بدلالتها اللفظية لا تتلاءم مع محذور الجبر ، ولا تلتقي معه ولا هي ناظرة إليه ، لا من قريب ، ولا من بعيد ، إذ أن الإرادة فيها التي دُلّ عليها باللفظ هي التشريعية ، وأما الإرادة التكوينية فقد دُلّ عليها بمفهوم الموافقة ، وهي لم تتعلق بفعل الإنسان أصلاً ، ونعود فنوضح ذلك فيما يلي : إننا نستفيد من إسناد الإذهاب والتطهير إلى الله سبحانه ، في قوله : ( يُذْهِبَ ) وَ ( يُطَهِّرَكُمْ ) ثم من العدول في الآية عن التعبير ب « يريد أن يذهب » إلى التعبير ب * ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ ) * : أنه تعالى قد تعلقت إرادته أولاً وبالذات بإذهاب الرجس ، وإبعاده . لا بإجبار « أهل البيت » وقهر إراداتهم ومنعها من التحرك نحو الرجس . بل هو تعالى يريد أن يقذف بالرجس ويرمي به بعيداً عنهم ( عليهم السلام ) ؛ فإن قربه منهم وقربهم منه مبغوض له تعالى ، على حد قوله تعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) [1] . وقوله تعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً ) [2] . وثمة آيات عديدة أخرى تشير إلى ذلك . فالله سبحانه قد أراد أن يبعد الرجس وكل العيب عن « أهل البيت » ،
[1] سورة الأنعام الآية 151 . [2] سورة الإسراء الآية 23 .