وكانت السُنّة شعاره ، ولا يمسّ الحديث إلاّ متوضّئاً . . . [1] . ثم نشر الله تعالى ذكره في الآفاق ، وعظم شأنه في قلوب الملوك وأرباب المناصب الدنيويّة والعلميّة والعوامِّ ، وحتّى أنّه كان يمرّ بهمدان فلا يبقى أحد رآه إلاّ قام ، ودعا له ، حتّى الصبيان واليهود . . . [2] . أقول : وكان من الحشمة والجلالة والشوكة بحيث أنّ السلطان السلجوقي محمّد بن محمود بن ملكشاه لَمّا ورد همدان زار أبا العلاء في داره وجلس بين يديه ، فنصحه أبو العلاء كثيراً ووعظه ، وكان مقبلاً عليه مصغياً إلى كلامه [3] . وكتب إليه المقتفي كتاباً من جملته : وبعد فإنّ الأبّ القدّيس النفيس خامس أُولي العزم ! وسابع السبعة على الحزم ، وارث علم الأنبياء ! حافظ شرع المصطفى . . . [4] . واستدعاه المقتفي العبّاسي ، فلمّا أُدخل عليه كان يأمره خواصّ الخليفة بتقبيل الأرض في المواضع فأبى ولم يفعل ، وقام إليه الخليفة وأجلسه ثمّ كلّمه ساعة وسأل منه الدعاء فدعا ، وأذِنَ لهُ في الرجوع ، ولم يقبل منه صلة ولا خلعة ، وخرج من بغداد حذراً من أْن يفتتن بالدنيا [5] . فسار مسير الشمس في كلّ موطن * وهبّ هبوب الريح في الشرقِ والغربِ وله في المعاجم وكتب التراجم ترجمة حسنة وثناءً كثيراً اقتصرنا على ما اقتطفناه منها ، قال الصفدي وجمع بعضهم كتاباً في أخباره وأحواله
[1] روضات الجنّات [ 3 / 91 ] . [2] الرهاوي ، وعنه تذكرة الحفّاظ [ : 1326 ] وذيل طبقات الحنابلة [ 1 / 326 ] . [3] راجع معجم الأُدباء 3 / 29 ، [ و 8 / 12 طبعة دار الفكر - بيروت ] [4] معجم الأُدباء 3 / 28 ، [ 8 / 11 طبعة دار الفكر - بيروت ] . [5] راجع معجم الأُدباء 3 / 29 ، [ 8 / 11 - 12 طبعة دار الفكر - بيروت ]