وقد صحّحه من عدّة وجوه من يعترفون له بإمامته في الفنّ وتفرّده في الدنيا [1] وهو الحاكم النيشابوري ، نعم نرى الذهبي وهذه الكثرة الهائلة من طرق حديث الطير والأسانيد والروايات قد ملأت عينه ، فاعترف بأنّ الحديث له أصل . قال : وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّاً ! قد أفردتها بمصنّف ، ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل [2] . بينما نرى ابن كثير بعد أن خصّص أربع صفحات كبار من تاريخه ملأها بطرق هذا الحديث وأسانيده ورواته ، وسرد أسماء نحو المائة ممّن رواه عن أنس فحسب - كما تقدّم - قال بعد هذا كله : وبالجملة ففي القلب من صحّة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه ! ! [3] . أقول : هذا قلب زاغَ عن الحقّ فأزاغه الله وطبع عليه ، فلم تطاوعه نفسه على تصحيح حديث لا يوافق هواه ! ( أفرأيت من اتّخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علم ) [4] ( فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتّبع هواه فتردى ) [5] وماذا تأمل من شاميّ تلمّذ على شيخ الضلال ابن تيمية المخذول ؟ ! وتراهم يبذلون كلّ الجهد في إبطال ما يروى في فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وتضعيفه مهما صحّ الحديث وكثرت رواته وطرقه وتواتر نقله . وأمّا إذا فشل السعي وأعيتهم المقاييس العلمية فلهم عند ذلك أدلّة
[1] راجع ما نقلناه عنهم من الثناء عليه . [2] تذكرة الحفّاظ : 1042 - 1043 . [3] البداية والنهاية 7 / 353 . [4] سورة الجاثية ، الآية 23 . [5] سورة طه ، الآية 16 .