نام کتاب : النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين نویسنده : السيد نعمة الله الجزائري جلد : 1 صفحه : 195
الوجه الثالث في الجواب أن التواضع قد يسمى سجودا كقوله ترى الأكم فيها سجدا للحوافر إلا أن هذا مشكل لأنه تعالى قال * ( وخَرُّوا لَه سُجَّداً ) * والخرور إلى السجدة مشعرة بالإتيان بالسجدة على أكمل الوجوه وأجيب عنه بأن الخرور يعني به المرور فقط . قال الله تعالى * ( لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وعُمْياناً ) * يعني لم يمروا . الوجه الرابع في الجواب أن نقول الضمير في قوله * ( وخَرُّوا لَه ) * غير عائد إلى الأبوين لا محالة وإلا لقال وخروا له ساجدين بل الضمير عائد إلى إخوته وإلى سائر من كان يدخل عليه لأجل التهنئة فالتقدير * ( ورَفَعَ أَبَوَيْه عَلَى الْعَرْشِ ) * مبالغة في تعظيمهما . وأما الإخوة وسائر الداخلين فخروا له ساجدين وإن قالوا فهذا لا يلائم قوله * ( يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ ) * . قلنا إن تعبير الرؤيا لا يجب أن يكون مطابقا للرؤيا حسب الصورة والصفة من كل الوجوه فسجود الكواكب والشمس والقمر تعبيره تعظيم الأكابر من الناس له . ولا شك أن ذهاب يعقوب مع أولاده من كنعان إلى مصر لأجل نهاية التعظيم له فيكفي هذا القدر في صحة الرؤيا فأما أن يكون التعبير في الصفة والصورة فلم يقل بوجوبه أحد من العقلاء . الوجه الخامس في الجواب لعل الفعل الدال على التحية والإكرام في ذلك الوقت هو السجود فكان مقصودهم من السجود تعظيمه وهو في غاية البعد لأن المبالغة في التعظيم كان أليق بيوسف منها بيعقوب فلو كان الأمر كما قلتم لكان من الواجب أن يسجد يوسف ليعقوب الوجه السادس فيه أن يقال لعل إخوته حملتهم الأنفة والاستعلاء على أن يسجدوا له على سبيل التواضع وعلم يعقوب أنهم لو لم يفعلوا ذلك لصار ذلك سببا لثوران الفتن وظهور الأحقاد القديمة مع كونها فهو ( ع ) مع جلالة قدره وعظيم حقه بسبب الأبوة والتقدم في النبوة فعل ذلك السجود حتى تصير مشاهدتهم لذلك سببا لزوال تلك الأنفة والنفرة عن قلوبهم .
195
نام کتاب : النور المبين في قصص الأنبياء والمرسلين نویسنده : السيد نعمة الله الجزائري جلد : 1 صفحه : 195