نام کتاب : النزاع والتخاصم نویسنده : المقريزي جلد : 1 صفحه : 70
فانظر رحمك الله كيف لم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم القرابة في النسب وحدها قرابة معتبرة في أحكام الله عز وجل ما لم تقترن بها القرابة الدينية ، فإنه كما قد رأيت أخرج بني أمية من ذوي القربى مع كونهم بني أبيه عبد مناف بن قصي ، لما كان من عداوتهم له في دين الله تعالى وتكذيبهم لما جاء به من النبوة والرسالة ، وكيف جعل بني المطلب بن عبد مناف من ذوي القربى لأجل مسالمتهم له في الجاهلية وتسرعهم إلى مناصرته ومؤازرته وموالاته ومعاضدته وأنهم لم يربؤوا بأنفسهم عن نفسه ، بل أمدوه بأنفسهم حيث تخلى عنه الناس ودخلوا معه الشعب مؤمنهم وكافرهم ، فالمؤمن دينا والكافر حمية ، وتأمل ذلك يظهر لك منه فائدتان إحداهما : أن العبرة بقرابة الدين لا بقرابة الطين . والثانية : أن مجرد القرابة ليس بشئ ، وقد قيل أقرب الوسائل المودة وأبعد النسب البغضاء قال : وأرى القرابة لا تقرب قاطعا وأرى المودة أكبر الأسباب وقال الأعشى : ولا تطلبن الود من متباعد ولا تأمنن ذي بغضة إن تقربا فإن القريب من يقرب نفسه لعمر أبيك الخير لا من تنسبا فإذا أقرب الوسائل المودة ، وأبعد النسب العقوق ، وقد قال تعالى : إنما المؤمنون إخوة [1] فقاربت [2] ولاية الإسلام بين الغرباء .