الصناعة ، وإمام هذا الفن فقد سبر غور علم الحديث حتى وصل إلى الاعماق فعرف الحابل من النابل ، وماز الغث من السمين ، وهو خاتمة المجتهدين فيه ، اخذه عنه كل من تأخر من أعلام الدين وحجج الاسلام ، وقلما كتبت إجازة منذ نصف قرن إلى اليوم ولم تصدر بأسمه الشريف ، وسيبقى خالد الذكر ما بقي لهذه العادة المتبعة من رسم ، وهو أول من أجازني والحقني بطبقة الشيوخ في سن الشباب وقد صدرت عنه إجازات كثيرة بين كبيرة ومتوسطة ومختصرة وشفاهية " ( 1 ) . وقال في مكان آخر : " كان الشيخ النوري أحد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر ، فقد امتاز بعبقرية فذة ، وكان آية من آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة ، وملكات شريفة أهلته لان يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب ، وحياته صفحة مشرقة من الاعمال الصالحة ، وهو في مجموع آثاره ومآثره إنسان فرض لشخصه الخلود على مرّ العصور ، والزم المؤلفين والمؤرخين بالعناية به والإشادة بغزارة فضله ، فقد نذر نفسه لخدمة العلم ، ولم يكن يهمه غير البحث والتنقيب والفحص والتتبع وجمع شتات الاخبار ، وشذرات الحديث ، ونظم متفرقات الآثار وتأليف شوارد السير ، وقد رافقه التوفيق ، واعانته المشيئة الإلهية ، حتى ليظن الناظر في تصانيفه ان الله شمله بخاصة الطافه ، ومخصوص عنايته ، وادخّر له كنوزاً قيمة لم يظفر بها أعاظم السلف من هواة الآثار ورجال هذا الفنّ ، بل يخيل للواقف على امره ان الله خلقه لحفظ البقية الباقية من تراث آل محمد عليه وعليهم السلام } ك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم { . " ( 2 ) .
1 - نقباء البشر : ج 2 ، ص 555 . 2 - نقباء البشر : ج 2 ، ص 545 . وقد شحنت كتب الشيخ الطهراني بمدحه لاُستاذه النوري وقد تقدم منّا نقل بعضها في مواضع متعددة من هذه الرسالة ، وخوفاً من التكرار والإطالة اكتفينا بهذا المقدار محيلين إلى أماكنها للموارد الأخرى التي ذكرها العلامة الطهراني قدس سره ، والطف ما قاله في احدى إجازاته ( شيخي العلامة خاتمة المحدثين والمجتهدين المبرّء على رغم غدوه من كل شين التقي النقي الحاج الميرزا حسين نوري الطبرسي . . . ) راجع ضياء الدراية : ص 102 .