فلو ان عالماً عابداً زاهداً متبحراً يسقط عن مقامه لو حبس في مطمورة ويذهب منه علمه وزهده ، ولا يقال له عالم زاهد ، فكذلك الإمام فيسقط من مقام الإمامة بغيبته عن الخلق ، مع ان الفرق بينهما أكثر من ما بين الثرى والثريّا . ويقولون ثانياً : ان كل اقسام الخير والنعم والبركة قد وصلت منه عليه السلام إلى جميع الخلائق ، ودفع بوجوده عليه السلام كل أنواع البلاء والعذاب على اختلافه الذي استحقوه بأعمالهم القبيحة وافعالهم السيئة ، بينما فنت الاُمم السابقة بارتكاب عشر معشار ذلك وانتهت بالمسخ والخسف والغرق والحرق . وانّه عليه السلام قائم مقام جدّه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلّم في دفع العذاب لوجوده بين الخلق ، بمضمون : " ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم " ( 1 ) . ويقولون : لو لم يكن الإمام ولو يوماً واحداً في الأرض لتلاشت جميع اجزاء وجود الخلق منها . فبسببه ينزل المطر إلى الأرض ، وتخضر وتثمر الأشجار ويدرّ الحيوان لبناً ، ويدرك العقل ، وتبصر العين ، وتسمع الاذن ، ويتكلم اللسان . له الطاف خاصة لمحبيه ويتلطف عليهم بأنواع الألطاف والاحسان يدركوها احياناً ولا يدركوها احياناً اُخرى ، بل ان بوجوده وبقاءه بقاء الشريعة وحفظ قوانينها من التغيير والتبديل ، وهو أصل ثبت به وجوب نصب الإمام والحاجة إلى وجوده . فلا يلزم من تعذّر تصرّفه في الاحكام الجزئية أي ضرر مع حفظ الأصول والقوانين الكليّة . فامتناع تنفيذ الأمور الجزئية لعارض خارجي لا يمنع ثبوت أصل الولاية ولا في تحققها باعتبارها من الأمور الكليّة المهمّة ، وكذلك فانّ ذلك المانع لا يمكن ان