وقد اعتمد الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة على هذا السبب ، وانّه لا علة تمنع من ظهوره الّا خوفه ، وان منع الله تعالى الظالمين من قتله عليه السلام من غير طريق النهي بل بأسباب الإلهية يوجب الجبر وينافي التكليف وينقض الغرض به باستحقاق الثواب ! والفرق بينه عليه السلام وبين آبائه الطاهرين عليهم السلام فقد كانوا ظاهرين بين الناس وكان سلاطين الجور في كل عصر وأكثر الناس يخالفونهم ويعادوهم ، بخلافه عليه السلام فانّه صار مستوراً عليه السلام . وأما سبب ستره دونهم عليهم السلام لأنّ السلاطين والولاة كانوا مطمئنين انهم عليهم السلام لا يرون الخروج عليهم ، ولا يعتقدون انّهم يقومون بالسيف . وليس كذلك صاحب الزمان عليه السلام لأنّ المعلوم منه انّه يقوم بالسيف ويزيل الممالك ويقهر كل سلطان ويبسط العدل على جميع وجه الأرض ، فمن كانت هذه صفته فهو يعارض ويضاد الملك فبالطبع يكون خائفاً ، ويسعون جاهدين في قلع جذوره وقمعه . وبما انّه آخر الحجج فان قتله يكون ابطالا للوعد الإلهي ، لأنه لا يوجد أحدٌ يأتي مكانه ، فلذلك أمن بحسب الأمر الإلهي من القتل إلى ذلك الزمان الذي يظهر فيه . فكانت غيبته واستتاره بملاحظة هذا الخوف واجبة بالحكمة ( 1 ) . وروي في العلل وكمال الدين وجه آخر للحكمة من الغيبة : قال الراوي ( 2 ) : قلت له : ما بال أمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل فلاناً وفلاناً
1 - نقله ( رحمه الله ) بالمعنى متصرفاً . وراجع النص في الغيبة ( الطوسي ) : فصل في ذكر العلة المانعة لصاحب الأمر عليه السلام من الظهور ، ص 329 - وما بعدها من الطبعة المحققة . 2 - هذه الزيادة في الترجمة ، واما في المصدر ( . . . عن محمد بن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له . . . الخ ) .