فقال : يجب عليه الغسل ! فتعجب الحاضرون من ذلك وغشي على جدّتها من نطقها ، وفارقت هذه البنت في تلك السنة وتركتها عند امّها ، وغبت عنها ، واذنت لأمها في الحج في تلك السنة ، ومشيت انا على العراق إلى مكة ، فلما جئنا المعرف خرجت في جماعة معي أطلب أهلي في الركب الشامي ، فرأتني وهي ترضع ثدي امها ، فقالت : يا أمّي هذا أبي قد جاء ! فنظرت الأم حتى رأتني مقبلا على بُعْد وهي تقول : هذا أبي ، هذا أبي . فناداني خالها ، فاقبلت ، فعندما رأتني ضحكت ورمت بنفسها عليّ ، وصارت تقول لي يا أبت يا أبت . . . ( 1 ) وهذا وأمثاله من هذا الباب . يقول المؤلف : ان هذه المسألة التي سألها ابن عربي ابنته هي نفس المسألة التي ابتلي بها في عصر الخليفة الثاني ولم يتمكن الخليفة عليها ، ويحكى جميع الصحابة عنها واجاب أمير المؤمنين عليه السلام الطفلة التي ترضع فبيض وجوه ائمتهم . . ونقل ايضاً ابن الصلاح في ( علوم الحديث ) ، والخطيب في ( الكفاية ) عن ابراهيم بن سعيد الجوهري انّه قال : " رأيت صبياً ابن اربع سنين قد حُمل الى المأمون قد قرأ القرآن ، ونظر في الرأي غير انّه إذا جاع يبكي " ( 2 ) . وهناك حكايات من هذا النوع في تراجم جملة من عرفائهم ، وان ذكرها
1 - نقلنا هذا المقطع من النص من كتاب الشيخ الاكبر محيي الدين ابن عربي ترجمة حياته من كلامه ( محمود محمود الغراب ) : ص 155 - 156 . 2 - علوم الحديث ( ابن الصلاح ) : ص 131 - الكفاية في علم الرواية ( الخطيب البغدادي ) : ص 64 .