وقد اجرى الله تعالى على قلم ابن حجر هذه الآية اقتبسها في جوابه عندما قال في مقام الطعن على الإمامية انّهم يقولون في حق المهدي عليه السلام : { آتيناه الحكم صبياً { وهذا مجازفة وجرأة على الشريعة الغراء ( 1 ) . والحمد لله الذي ظهر من هو المتجرأ . ومن الطرائف ان علماء اهل السنة ادّعوا لبعض اطفالهم مقامات عالية ، ولكنهم استغربوا ذلك لابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم . يقول ابن عربي في الفتوحات : " اعلم ان الناس لا يستغربون من الحكمة الّا من الطفل الصغير لانها غير متعارفة بينهم الّا الحكمة الظاهرة التي هي من الفكر والتدبر ، وليس الصبي عادةً محلا لها ، فيقال ان ذلك الصبي نطق بالحكمة . وتظهر رعاية الله تعالى بهذا المحل ظاهراً وزاده في يحيى وعيسى عليهما السلام فانهم نطقوا بالحكمة يعني علموا بما قالوه ، لا انّه اجري على ألسنتهم ، وذلك علم ذوقي لأنه لا يصح مثل هذا التكلم في مثل هذا الزمان والعمر الّا ان يكون عن ذوق ، فاعطاهم الله تعالى الحكمة في حال الصغر ، وهذه الحكمة هي النبوة ولا تكون الّا بالذوق ( 2 ) . . . إلى أن يقول : " وقد نطق في المهد جماعة اعني في حال الرضاعة ، وقد رأينا اعظم من هذا ، رأينا من تكلّم في بطن اُمّه وأدى واجباً ، وذلك ان اُمّه عطست وهي حامل به ، فحمدت الله ، فقال لها من بطنها : يرحمك الله ; بكلام سمعه الحاضرون ! وامّا ما يناسب الكلام فان ابنتي زينب سألتها كالملاعب لها وهي في سنّ الرضاعة وكان عمرها في ذلك الوقت سنة ، أو قريباً منها ; فقلت لها بحضور امّها وجدتها : يا بنية ما تقولين في الرجل يجامع أهله ، ولا ينزل ؟
1 - راجع ابن حجر ( الصواعق المحرقة ) : ص 168 . 2 - قد ترجمنا هذا المقطع إلى العربية لعدم عثورنا على النص حالياً .