" والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّاً " . وسلام وأمان الله لي من شرور وفتنة شياطين الجنّ والانس ، ومن البلاء والعذاب البرزخي ، ومن اهوال وشدائد يوم البعث إذ كنت من يوم الولادة وحتى ذلك اليوم في أمن وأمان من الآفات الدينية والامراض القلبية حتى آتي في محضر القرب الالهي بقلب سليم ( 1 ) . فمع التأمل والتدبّر في الجملة يظهر ان جميع اصول الشرائع وخصائص النبوة قد بينها هذا النبي المرسل ابن الاربعين يوماً مع اصول اعمال الجوارح لاُمّته . فلم ير ولم يسمع بهذه الآيات ، الجاهل الغافل ابن حجر ، أو انّه اصاب القدرة الكاملة نقص . أو انّه زال القابل ( 2 ) لهذه النعمة من العباد . وانهم لا يشترطون الاستعداد والقابلية لشيء . وروى نعيم بن حماد في كتاب ( الفتن ) ان عيسى يقول للمهدي عليه السلام : { انما بعثت وزيراً ولم ابعث اميراً { . ولا شك ان الأمير أفضل من الوزير ; وكيف يمكن مع الوزير هكذا ، بينما يبقى الأمير المدة المديدة في وادي الجهل والخطأ ، ومع ذلك فهو افضل منه ؟ ! ونظير عيسى عليه السلام يحيى عليه السلام فانه تعالى اخبر باننا فعلنا به من صباه ذلك : { يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً { .
1 - اشارة إلى قوله تعالى : " الاّ من أتى الله بقلب سليم " الآية 89 - سورة الشعراء . ومن هذا المعنى قوله تعالى : " وان من شيعته لابراهيم إذ جاء ربّه بقلب سليم " الآيات 83 و 84 - سورة الصافات . 2 - القابل محل نزول العلة ، فلو لم يكن القابل لما امكن تحقق العلة لعدم المحل الذي تهبط فيه . . مثاله لا يمكن للحجر ان يكون عالماً لعدم وجود القابل للعلم . وأما الطفل فعدم صلاحيته للعلم من جهة العادة وليست بالاستحالة العقلية ، والامتناع العادي يمكن ان ينقض ببعض الافراد فيكون التحقق نادر مما يصلح ان يتحقق خلاف القاعدة ببعض الافراد وهو كاف للنقص .