ووضعتها على الحصى ، لتوهمه أنه ترك لهم مالاً كثيراً . نعم . . إن هذه القصة فيها إشكال كبير . فإن أبا قحافة كان سليم العينين حينئذٍ صحيحهما ، قال الفاكهي : قال عبد الله - والظاهر أنه ابن مسعود - لما خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الغار ، ذهبت أستخرج ، وأنظر هل أحد يخبرني عنه ، فأتيت دار أبي بكر ، فوجدت أبا قحافة ، فخرج علي ، ومعه هراوة ، فلما رآني اشتد نحوي ، وهو يقول : هذا من الصباة الذين أفسدوا علي ابني . وسند هذه الرواية معتبر عند هؤلاء القوم ، فكيف يكون قد كف بصره في ذلك الوقت ، لتلمسه أسماء الحصى ، بحجة أنه مال ؟ ! هل كان صفوان حصوراً حقاً ؟ وتقول روايات الإفك : إن صفوان بن المعطل - الذي وجد عائشة وحيدة في الصحراء بعد تخلفها عن جيش المسلمين ، فأخذها معه حتى أوصلها لعندهم - لم يكن له مأرب في النساء ، وإنه كان حصوراً لا يأتي النساء ، أي إنما معه مثل الهدبة . . أي أنه كان عنيناً . . كما صُرّح به في كثير من الموارد . وأنه ما كشف كنف أنثى قط . ولكن كل ذلك لا يصح ، فإننا نجد ما يدل على أنه كان متزوجاً ، وقد شكته زوجته إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنه لا يمكنها من الصيام . . فكان عذره : أنه رجل شهواني ، لا يصبر عن النساء ، وإسناد هذه الرواية صحيح . . ثم من أين علمت عائشة وسواها أن لصفوان بن المعطل مثل هذه الهدبة ؟ ! . بل من أين علمت أن لا مأرب له بالنساء ؟ ! . وإذا كان صفوان عنيناً ، وله مثل الهدبة ، فلماذا لم يبادر كل من سمع الإفك إلى تكذيب ذلك ، والسخرية من القاذفين والآفكين ؟ ! !