ثم جاء الاهتمام بالشكل ، والخط ، والورق ، وكيفيات الكتابة ، وبالحركات ، والأشكال ، والنقوش ، وما إلى ذلك . وكأن القرآن لم ينزل إلا من أجل أن يترنم به المقرؤون ، ويردده المرددون بالنغمات الحسان ، وبأبدع الألحان . . ويصبح تحفة من التحف ، ومن الذخائر التي يتنافس بها أرباب المال ، ورجال الأعمال على اقتنائها . ثم أصبح القرآن كتاب موت ، لا كتاب حياة ، يقرأ في الفواتح وعلى القبور ، أو يعلق من أجل البركة على الجدران والصدور . وبعد هذا ، فلا ندري أي فائدة تبقى لما أشتمل عليه القرآن من أوامر وزواجر ، وقوانين ، وتشريعات ، سياسية ، واجتماعية ، وفقهية ، وغيرها ؟ ! وإذا كان الأمر كذلك ، لم يعد كتاب هداية ، كما لا يبقى معنى للتدبر فيه ، فلا معنى إذن لقوله تعالى : * ( هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ) * وقوله : * ( يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) * وقوله : * ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) * وهل يبقى بعد هذا معنى لجعل النبي ( صلى الله عليه وآله ) القرآن أحد الثقلين اللذين لا يضل من تمسك بهما إلى يوم القيامة ؟ ! ولماذا يكلف الله الناس بحفظ وتلاوة هذا القرآن ، بما له من حجم كبير ، ما دام أن لا ربط له بحياتهم ، ودينهم ، ومعاشهم ، ومعادهم ؟ ! وأخيراً . . لماذا يهتم العلماء والمفكرون بتفسير القرآن ، وشرح ألفاظه ، وبيان معانيه ، وكشف مراميه ؟ ! إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة ، التي لن تجد لدى هؤلاء الجواب المقنع والمفيد والسديد . خاتمة المطاف : وبعد . . فإننا نستطيع بملاحظة تلك الأسس مجتمعة أن نعرف مدى قيمة تلك النصوص الكثيرة ، التي تحاول أن تظهر نبينا الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) بذلك