أكثر دقة ، كما كان أكثر شمولية واستقصاء ، حتى ليخيل إليك : أن هذا الأمر هو أعظم ما كان يشغل بال الخليفة ، ويقض مضجعه ، فكان يتابع هذا الأمر ، ويحث عليه ثم يراقب ويعاقب ويتخذ القرارات والإجراءات بصورة ظاهرة ومستمرة ودؤوبة . وقد أرسل بأوامره القاضية بإقلال الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وبأن لا يكون هذا الحديث ظاهراً ، وبتجريد القرآن عن الحديث ، أرسل بها إلى جميع الأقطار والأمصار . وكان يوصي بذلك ولاته ، وبعوثه وجيوشه . ولم يزل يشيعهم بهذه الوصايا . وقد كانت سياساته في هذا المجال دقيقة ومدروسة ، وتصعيدية . فهو يطلب ذلك ويوصي به باستمرار ، فإذا روى أحد حديثاً طالبه بالبينة والشهود ، كما فعل مع أبيّ بن كعب وأبي موسى ، وإن لم يكن لديه بينة ، عاقبه ونكل به . فإذا وجد أحداً يصر على رواية الحديث هدّده بالطرد ، والنفي إن لم ينفع معه التهديد والضرب . إحراق حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : وفي خطوة تصعيدية حاسمة وحازمة يطلب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب من الصحابة أن يأتوه بما كانوا قد كتبوه عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، بحجة أنه يريد جمع الحديث النبوي ، وكتابته ، حتى لا يندرس . فبقي شهراً وهو يجمع مكتوبات الصحابة ، ثم قام بإحراق ما اجتمع لديه محتجاً لعمله هذا بقوله : مشناة كمشناة أهل الكتاب . ( المشناة : روايات شفوية دونها اليهود ) . وفي نص آخر أنه قال : ذكرت قوماً كانوا قبلكم ، كتبوا كتباً فأكبوا عليها ، وتركوا كتاب الله . وإني - والله - لا أشوب كتاب الله بشيء أبداً . أو