وهكذا يتضح أن القول بأن أبا بكر هو أول من أسلم لا يمكن إلا أن يكون من القول الجزاف ، والدعوى الفارغة ، ومن المختلقات التي افتعلت في وقت متأخر . من أسلم بدعاية أبي بكر : ويذكرون أن عدداً من كبار الصحابة قد أسلموا على يد أبي بكر ، واستجابة لدعوته ، منهم : طلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف ، وأبو عبيدة الجراح ، وخالد بن سعيد بن العاص ، وأبو ذر ، وعثمان بن عفان ، وأبو سلمة بن عبد الأسد ، والأرقم بن أبي الأرقم . قال الجاحظ : وقالت أسماء بنت أبي بكر : ما عرفت أبي إلا وهو يدين بالدين . ولقد رجع إلينا يوم أسلم فدعانا إلى الإسلام ، فما دمنا حتى أسلمنا ، وأسلم أكثر جلسائه . ولكن ذلك كله محل شك وريب وذلك للأمور التالية : 1 - إنه قد تقدم ما يدل على أن إسلام أبي بكر قد كان بعد الخروج من دار الأرقم ، وبعد اشتداد الأمر بين النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقريش ، وقيام أبي طالب دونه ينافح عنه ويكافح . وهؤلاء قد أسلم أكثرهم قبل ذلك ، وذلك لأنه ( صلى الله عليه وآله ) قبل نزول قوله تعالى : * ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ ) * لم يكن مأموراً بدعوة أحد . بل كان من يسلم إنما يسلم باختياره . ثم أمر ( صلى الله عليه وآله ) بدعوة عشيرته ، ثم أمر بإنذار أم القرى ومن حولها ، حتى انتهى الأمر بإنذار كافة الناس . ولكنه ( صلى الله عليه وآله ) لما أسلم معه من أسلم وخشي حصول بعض الصدامات لهم مع قريش اختار دار الأرقم ليصلي أصحابه فيها ، وبعد شهر أعلن بالأمر ، فلم تكن هناك سرّية في دار الأرقم بالمعنى الدقيق للكلمة .