حين بويع أبو بكر ( كرداد وناكر داد ) [1] ، أي عملتم وما عملتم ، لو بايعوا علياً لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم . هذه جملة مقتطفات مما رواه البلاذري في كتاب أنساب الأشراف ، وفيها من التهافت في الروايات ما يلفت النظر ، لكن الذي لا شك فيه هو ما ساقه بإسناده ، وساعد عليه الاعتماد والاشتهار نحو ما يلي : 1 - أمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ببعث أسامة ، وجعل فيه أبا بكر وعمر ووجوهاً من المهاجرين والأنصار ، وقد تخلفوا جميعاً فخالفوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث كان يقول : نفذوا جيش أسامة ، وقد قال الله تعالى : * ( لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ ) * [2] . بل روى الشهرستاني في الملل والنحل [3] ، والعضد الإيجي كما في شرح المواقف للشريف الجرجاني [4] ، قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلّف عنه » . 2 - أراد صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يكتب كتاباً لأمته لا يضلون بعده ، فقالوا : أتراه يهجر ، ولغطوا فغمّ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأضجره ، فطردهم وقال : « إليكم عنّي » . 3 - تصنّع عمر في بلبلة الموقف حتى يأتي أبا بكر ، وكان غائباً بالسنح ، فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يمت ، وردّ العباس على ذلك .
[1] - كلام فارسي يكتب باللغة العصرية ( كرديد ونه كرديد ) وتلفظ الألف ( كرداد ) بالإمالة ، وذكر هذا الكلام الفارسي أيضاً الجاحظ في الرسالة العثمانية ( هامش المصدر ) . [2] - النور : 63 . [3] - الملل والنحل 1 : 23 . [4] - شرح المواقف للجرجاني 8 : 408 .