وهذا غير ما حكاه علي فهمي كما هو ظاهر . أما الذين رووا بتصحيف وتحريف مع الإقواء ، لعل أقدم من رأيت ذلك عنده هو محمد بن سعد صاحب الطبقات ، فقد روى الرثاء منسوباً إلى هند بنت أثاثة ، وهو صحيح في نسبته إلاّ أنّ تحريفاً وتصحيفاً وإقواءاً حصل في البيت الثاني والخامس من أبيات خمسة هي : قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخُطَب إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها * فاحتل لقومك وأشهدهم ولا تغبِ قد كنت بدراً ونوراً يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يحضرنا * فغاب عنّا وكل الغيب محتجب فقد رزئت أيا سهلاً خليقته * محض الضريبة والأعراق والنسبِ فلاحظوا التصحيف في البيت الثاني في كلمة ( فاختل ) بالخاء المعجمة ، وهي فعل ماضي من الاختلال ، فصُحّفت إلى ( فاحتل ) بالحاء المهملة ، وهي فعل أمر من إعمال الحيلة ؟ ولاحظوا التحريف في قافية البيت الثاني أيضاً حيث لا معنى يتسق مع سياق البيت ، وفيه إقواء ، وكذلك البيت الخامس ففيه أيضاً تحريف وإقواء . أما الذين رووا الأبيات بدون إقواء ، لكنّهم لم يسلموا من ضغط الموروث ، فكان التحريف في اللفظ والتحريف في النسبة ، فمثالهم جسوس في كتابه شرح الشمائل الترمذية [1] ، فقد قال : ويقال إنّ عائشة لما وقفت على القبر الشريف أنشدت : قل للمغيّب تحت أطباق الثرى * هل أنت تسمع ضرعتي وندائيا