نام کتاب : اللمعة البيضاء نویسنده : التبريزي الأنصاري جلد : 1 صفحه : 832
ولا يصدقه آخرون ويستعملون ضربا من التورية ، وليس ذلك إلا لأن من صدق لم يخف على نفسه ومن جرى مجرى نفسه ، ومن ورى فلانه خاف على نفسه ، وغلب في ظنه وقوع الضرر به متى صدق فيما سئل عنه ، وليس يجب أن يستوي حال الجميع ، وأن يظهر لكل أحد السبب في التقية ممن اتقى مما ذكرناه بعينه حتى يقع الإشارة إليه على سبيل التفصيل ، وحتى يجري مجرى العرض على السيف في الملأ من الناس ، بل ربما كان ظاهرا كذلك وربما كان خافيا . فإن قيل : مع تجويز التقية على الإمام كيف السبيل إلى العلم بمذاهبه واعتقاده ، وكيف يتخلص لنا ما يفتي به على سبيل التقية من غيره ؟ . قلنا : أول ما نقوله في ذلك أن الإمام لا يجوز أن يتقي فيما لا يعلم إلا من جهته ، ولا الطريق إليه إلا من ناحيته وقوله ، وإنما يجوز التقية إليه فيما قد بان بالحجج والبينات ، ونصبت عليه الدلالات حتى لا تكون تقيته فيه مزيلة لطريق إصابة الحق وموقعة للشبهة ، ثم لا يتقي في شئ الا ويدل على خروجه منه مخرج التقية ، اما لما يصاحب كلامه أو يتقدمه أو يتأخر عنه ، ومن اعتبر جميع ما روي عن أئمتنا ( عليهم السلام ) على سبيل التقية وجده لا يعرى مما ذكرناه . ثم إن التقية إنما تكون من العدو دون الولي ، ومن المتهم دون الموثوق به ، فما يصدر منهم إلى أوليائهم وشيعتهم ، ونصائحهم في غير مجالس الخوف يرتفع الشك في أنه على غير جهة التقية ، وما يفتون به العدو أو يمتحنون به في مجالس الجور يجوز أن يكون على سبيل التقية كما يجوز أن يكون على غيرها ، ثم يقلب هذا السؤال على المخالف فيقال له : إذا أجزت على جميع الناس التقية عند الخوف الشديد وما يجري مجراه ، فمن أين تعرف مذاهبهم واعتقادهم ؟ وكيف تفصل بين ما يفتي به المفتي منهم على سبيل التقية ، وبين ما يفتي به وهو مذهب له يعتقد بصحته ؟ فلابد من الرجوع إلى ما ذكرنا . فإن قال : أعرف مذهب غيري وإن أجزت عليه التقية بأن يضطرني إلى اعتقاده ، وعند التقية لا يكون ذلك .
832
نام کتاب : اللمعة البيضاء نویسنده : التبريزي الأنصاري جلد : 1 صفحه : 832