نام کتاب : اللمعة البيضاء نویسنده : التبريزي الأنصاري جلد : 1 صفحه : 360
من حيث هو ، مخترع وموجد ومصور من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب ، وقوله : ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) [1] بمعنى أحسن المقدرين والمصورين . أو أن الخالق قد يطلق بمعنى الأعم ، وهو ما يشمل لمعنى الموجد ولمعنى مظهر الخلق ، إذا كان ذلك المظهر فاعلا مختارا ، فيشمل الله تعالى وسائر الخلق ، فقيل بهذا الاعتبار أحسن الخالقين نظير قوله تعالى : ( والله خير الرازقين ) [2] . وذكر الصدوق في التوحيد أنه دخل عبد الكريم ابن أبي العوجاء على الصادق ( عليه السلام ) فقال : أليس تزعم أن الله خالق كل شئ ؟ فقال الصادق ( عليه السلام ) : بلى ، فقال : وأنا أخلق ، فقال له : وكيف تخلق ؟ قال : أحدث في الموضع ثم ألبث عنه فيصير دوابا فأكون أنا الذي خلقتها ، فقال ( عليه السلام ) : أليس خالق الشيء يعرف كم خلقه ؟ قال له : بلى ، قال : فتعرف الذكر منها من الإناث ، وتعرف كم عمرها ؟ فسكت [3] . ويظهر مما ذكر أن الخالق في أسماء الله تعالى من الخلق بمعنى الإنشاء بلا مادة ولا مثال ولا سبب ولا علة ، وانه يستلزم أمورا ثلاثة : التقدير ، ثم الإنشاء على وفقه بلا تغيير ولا تبديل ، ثم العلم بما يؤدي إليه خلقه ، ونحو هذا هو التقدير الكامل . وهذا الخلق مخصوص لله تعالى ، ولا خالق بهذا المعنى إلا الله ، وهل من خالق غير الله ، ولا مؤثر في الوجود إلا الله ، وهو خالق النور والظلمة ، والخير والشر ، والرحمة والغضب ، والنجاة والعطب ، والأنبياء والشياطين ، والسعادة والشقاوة . وورد في الأخبار الكثيرة أيضا في الكافي وغيره ما حاصله أن خالق الخير والشر هو الله ، وانه تعالى أجرى الخير بيد من أحبه ، وأجرى الشر بيد من أبغضه ،