نام کتاب : اللمعة البيضاء نویسنده : التبريزي الأنصاري جلد : 1 صفحه : 198
إلى الرواية : إن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لما صارت بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) محزونة بالأحزان الشديدة ، كان جبرئيل يجيء إليها كل يوم للوعظ والتسلية من جانب الله سبحانه ، وكان يحدثها بعض الأخبار ، ويتلو عليها جملة من الأسرار بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر أو أحد من الأنام حتى الأنبياء العظام والرسل الكرام . وكانت ( عليها السلام ) تكتب كل ما سمعت حتى اجتمعت عندها صحيفة مشتملة على أربعين ورقا ، فلما تمت جعلتها في ظرف من الأديم ، فختمته بخاتمها الكريم وسلمتها إلى سعد ملازمها وخادمها وقالت له : إذهب به إلى شرق المدينة في خارج البلدة ، وسر حتى يظهر لك كثيب عظيم من الرملة ، فاصعد على الكثيب ترى هناك رجلا جليلا نجيبا في الغاية ، أبيض اللحية ، معتدل القامة ، فسلمها إليه وبلغ سلامي عليه وقل : يا سيدي هذه أمانة من سيدة النساء إليك ، ووديعة أودعتها لديك لتوصلها وتؤديها إلى ولدي الأمجد حجة الله في الأرضين وخاتم الوصيين ، فإذا سلمت الأمانة فاحفظ كلما يقوله لك حتى تأتيني بكل ما يقول . ففعل سعد ما أمرته به إلى أن أراد أن يصعد على الكثيب هبت هناك ريح عاصف ، وزعزع [1] قاصف ، وأخذ طرف الصحيفة من يده ، وضربه على أطراف هذا الجبل وتلك الأرض حتى تخرق الظرف ، وطارت الريح بكل ورق من الصحيفة إلى طرف غير طرف الآخر ، وسعى سعد واجتهد ليأخذ بعض الأوراق ولو واحدا منها فلم يتمكن بذلك ، فجعل يبكي ويتضرع فإذا هو بالشخص الموصوف الذي أمرته بايداع الصحيفة عنده ، فسأل سعدا عن جهة بكائه ، فحكى قصة الواقعة وما فعل بها الريح الشديدة العاصفة ، فقال : يا سعد اصبر إلى الليل بالإتفاق لعلنا نظفر ببعض الأوراق في أثناء الليل لما يظهر حينئذ من نورها كالبدر .