نام کتاب : اللمعة البيضاء نویسنده : التبريزي الأنصاري جلد : 1 صفحه : 166
الخامس : الروح القدسي النبوي الذي يختص به الأنبياء وبعض الأولياء ، وفيه يتجلى لوائح الغيب ، وأحكام الآخرة ، وجملة من ملكوت السماوات والأرض ، بل من المعارف الربانية التي يقصر دونها الروح العقلي والفكري ، وإليه الإشارة بقوله : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به ) [1] الآية . وإذا عرفت ذلك فلنرجع إلى تطبيق ما ذكرناه على المذكور في الآية ، فنقول : أما الروح الحساس فإذا نظرت إلى خاصيته وجدت أنواره من ثقب عدة كالعينين والأذنين والمنخرين وغيرها ، وأوفق مثال له في عالم الشهادة المشكاة . وأما الروح الخيالي فتجد له خواص ثلاثة : إحداها : انه من طينة العالم السفلي الكثيف ، لأن الشئ المتخيل ذو مقدار وشكل وجهات محصورة مخصوصة ، وهو على نسبة من المتخيل من قرب أو بعد ، وشأن الكثيف الموصوف بأوصاف الأجسام أن يحجب عن الأنوار العقلية المحضة التي تتنزه عن الوصف بالجهات والمقادير والقرب والبعد . الثانية : ان هذا الخيال الكثيف إذا صفى ورقق وهذب وضبط صار موازيا للمعاني العقلية مؤديا لأنوارها ، وغير حائل عن إشراق نورها منها . الثالثة : ان الخيال في بداية الأمر يحتاج إليه جدا ليضبط به المعارف العقلية ، فلا تضطرب ولا تتزلزل ولا تنتشر انتشارا يخرج عن الضبط ، فنعم المعين الخيالات المثالية للمعارف العقلية . وهذه الخواص الثلاثة لا تجدها في عالم الشهادة بالإضافة إلى الأنوار المبصرة إلا الزجاجة ، فإنها في الأصل من جوهر كثيف صفي ورقق حتى لا يحجب نور المصباح ، بل يؤديه على وجهه ثم يحفظه عن الانطفاء بالرياح العاصفة ، فهو أولى مثال له .