الشهادتين وقال : يا معشر الأنصار ! إنكم إذ قدمتم اليوم . . . [1] إلى يوم القيامة ، وأنتم الأنصار في كتاب الله تعالى وإليكم كانت الهجرة وفيكم قبر النبي ( صلى الله عليه وسلم وآله ) ، فأجمعوا أمركم على رجل تهابه قريش وتأمنه الأنصار . قال : فقالت الأنصار : صدقت يا خزيمة ! إن القول لعلى ما تقول ، قد رضينا بصاحبنا سعد بن عبادة . قال : فقلب المهاجرون ونظر بعضهم إلى بعض ، ثم وثب أسيد بن حضير الأنصاري الأوسي [2] - وكان مقبول القول عند الأنصار وأهل الطاعة فيهم - فقال : يا معشر الأنصار ! إنه قد عظمت نعم الله عليكم إذ سماكم ( الأنصار ) [3] وجعل إليكم الهجرة ، وفيكم قبض الرسول محمد عليه السلام ، فاجعلوا ذلك شكرا لله فإن هذا الأمر في قريش دونكم ، فمن قدموه فقدموه ومن أخروه فأخروه . قال : فوثب إليه نفر من الأنصار فأغلظوا له في القول وسكتوه فسكت ، ثم وثب بشير بن سعد الأنصاري الأعور [4] - وكان أيضا من أفاضل الأنصار - فقال : يا معشر الأنصار ! إنما أنتم بقريش وقريش بكم ، ولو كان ما تدعون حقا لما اعترض عليكم فيه ، فإن قلتم بأنا آوينا ونصرنا فما أعطاهم خير مما أعطيتم ، فلا تكونوا كالذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار . قال : ثم وثب عويم بن ساعدة الأنصاري - وهو من النفر الذين أنزل الله عز وجل فيهم هذه الآية في مسجد قباء ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) [5] - فقال : يا معشر الأنصار ! إنكم أول من قاتل عن هذا الدين فلا تكونوا أول من قاتل أهله عليه ، فإن الخلافة لا تكون إلا لأهل النبوة فاجعلوها حيث جعلها الله عز وجل ، فإن
[1] بياض بالأصل . [2] كان سعد بن عبادة سيد الخزرج وكان أسيد بن حضير ( أسيد بضم الهمزة ، وحضير بضم أوله وآخره راء ) من نقباء الأوس وقد خافوا من تأمير الأوس فقالوا لبعضهم البعض : والله لئن وليتها الخزرج مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة ولا جعلوا لكم فيها نصيبا أبدا ( الكامل لابن الأثير 2 / 14 الإمامة والسياسة 1 / 9 ) . [3] كلمة ( أنصار ) وردت ثماني مرات في القرآن الكريم . [4] كان بشير بن سعد من سادة الخزرج ورؤسائهم ، وقد نفر من تأمير قومه سعد بن عبادة وحسده ( الإمامة والسياسة 1 / 8 ) وقارن ما قاله مع الأصل ( الطبري 3 / 221 ابن الأثير 2 / 14 ) . [5] سورة التوبة : 108 وعويم من الأوس ، مات على الصحيح في خلافة عمر بن الخطاب وله خمس أو ست وستون سنة .