إلى يومنا هذا - والله أعلم . ذكر إسلام كعب الأحبار [1] . قال : ثم دخل عمر رضي الله عنه إلى بيت المقدس ، ونزل في كنيستها العظمى . قال : وأقبل إليه كعب الأحبار يريد الاسلام فعرض عليه عمر الاسلام وقرأ عليه ( يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا ) [2] ، فلما سمع كعب ذلك أسلم من ساعته . ثم قال : يا أمير المؤمنين ! مكتوب في التوراة ( إن هذه البلاد التي كانت بنو إسرائيل أهلها يفتحها الله عز وجل على يد رجل من الصالحين ، رحيم بالمؤمنين ، شديد على الكافرين ، سره مثل علانيته [ وعلانيته مثل سره ] ، قوله لا يخالف فعله [3] ، القريب والبعيد عنده في الحق سواء ، أتباعه قوم من أهل التوحيد رهبان الليل فرسان [4] النهار ، متراحمون متواصلون متباذلون ، يغسلون فروجهم ويتزرون على أوساطهم ، أناجيلهم في صدورهم وصدقاتهم في بطونهم ، ألسنتهم رطبة بالتكبير والتقديس والتهليل ، وهم الحامدون الذين يحمدون الله عز وجل على كل حال ، وفي سهول الأرض والجبال ، أول أمة تدخل الجنة يوم القيامة ) . قال فقال عمر : ويحك يا كعب ! أحق ما تقول ؟ فقال كعب : إي والذي يسمع ما أقول . قال : فخر عمر رضي الله عنه ساجدا ثم رفع رأسه فقال : الحمد لله الذي أعزنا وأكرمنا ورحمنا وشرفنا بنبينا محمد صلى الله عليه وآله ، ثم أقبل عمر على الناس فقال : يا أهل الاسلام ! أبشروا فإن الله عز وجل قد صدقكم الوعد ونصركم على الأعداء وأورثكم البلاد ، فلا يكونن جزاؤه إلا الشكر ، وإياكم والمعاصي والعمل بها ، فإن العمل بالمعاصي يدل على كفر النعمة ، وليس من قوم كفروا النعمة ثم لم ينزعوا إلى التوبة إلا سلبهم الله عزهم وسلط عليهم عدوهم . قال : فأقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمدينة بيت المقدس أياما ، وأقبل
[1] قارن مع فتوح الشام للواقدي 1 / 242 وفتوح الأزدي ص 259 باختلاف النصوص وزيادة . [2] النساء : 47 . [3] الأزدي : قلبه . [4] الأزدي : أسد .