إلى نهاوند [1] ، فنزلها وأمر بخيله فنزلت بأرض همذان وما والاها من نواحيها . قال : ورحل المسلمون من جلولاء إلى خانقين فنزلوها يومهم ذلك ، ثم رحلوا منها إلى قصر شيرين فنزلوها ، وكتبوا إلى سعد بن أبي وقاص يستأذنونه في التقدم إلى حلوان ويحثونه على المصير إليهم ليكون لهم ملجأ وسندا يلجؤون إليه ويشاورونه في أمورهم ، وقد كان سعد عليلا فتباطأ عنهم ولم يصر إليهم وكتب إليهم يأمرهم بالتقدم إلى حلوان [2] . قال : فغضب المسلمون لقعود سعد عنهم وإبطائه عن نصرتهم ، ثم أنشأ إبراهيم بن حارثة الشيباني يقول في ذلك - شعر : أما بال سعد خام عن نصر جيشه * لقد جئت يا سعد ابن زهرة منكرا وأقسم بالله العلي مكانه * لو أن المثنى كان حيا لاصحرا وقاتل فيها جاهدا غير عاجز * وطاعن حتى يحسب الجون أحمرا كشداته يوم البجيلة معلما * يريد بما يبلي الثواب الموفرا وضارب بالسيف الحسام مقدما * جموع الأعادي خشية أن يعيرا ولكن سعدا لم يرد أجر يومه * ولم يأتنا في يوم بأس فيعذرا قال : فبلغت سعدا هذه الأبيات فكأنه تحرك للمسير على علته ، ثم دعا سلمان الفارسي فاستخلفه على المدائن وأوصاه بحفظ الغنائم وصار فيمن معه من أصحابه حتى لحق بالمسلمين وهم يومئذ نزول بقصر شيرين فنزل معهم يومهم ذلك . فلما كان من غد نادى في الناس بالرحيل إلى حلوان فرحل ورحل الناس معه ، وبلغ ذلك منوشهر بن هرمزدان [3] المقيم بحلوان ، فخرج عن حلوان هاربا حتى لحق بيزدجرد وهو في جمع أصحابه ، وأقبل سعد بن أبي وقاص وعلى مقدمته جرير بن عبد الله البجلي [4] حتى دخل حلوان فأنشأ عبد الله بن قيس الأزدي يقول - شعر : فأبلغ أبا حفص بأن خيولنا * بحلوان أضحت بالكماة تجمجم
[1] في الطبري : نحو الجبال ، وفي رواية ، نحو الري ، وفي فتوح البلدان : هرب إلى ناحية أصبهان . [2] انظر الصفحة السابقة الحاشية رقم 2 . [3] انظر ما جاء فيه قريبا . [4] مر أن سعد أمر جريرا بالتوجه إلى حلوان وقد افتتحها صلحا على أن كف عنهم وأمنهم على دمائهم وأموالهم وجعل لمن أحب منهم الهرب أن لا يعرض لهم ( فتوح البلدان ص 299 ) .