فرس له وبين يديه المرازبة وبأيديهم الحراب والقسي والنشاب وغير ذلك من أنواع السلاح ، وطلب البراز وسأل النزال ، فخرج إليه ثلاثة نفر أو أربعة نفر من المهاجرين فقتلهم جابان ، فقال أبو عبيد [1] بن مسعود لسليط بن قيس الأنصاري : يا أخا الأنصار ! ما لي أرى قومك قد كاعوا عن القتال ؟ فقال سليط : لا لعمري والله ! ليس قومي [ ممن ] كاعوا ولا ممن يكرهون الحرب والطعان ولا يقتنون القيان ، ثم قال سليط : يا معشر الأنصار ! من ينتدب منكم لهذا الأعجمي ؟ قال : فوثب رجل من الأنصار يقال له مطر بن فضة وكان يدعي بأمه قال : أنا له . ثم خرج مطر بن فضة نحو جابان فحمل عليه والتقيا ، ونظر إليه جابان بطعنتين طعنه الأنصاري طعنة أرداه عن فرسه ، وبادر إليه مطر بن فضة فقعد على صدره وهم بذبحه ، فقال جابان من تحته : لا إله إلا الله ، فتباطأ مطر في قتله ولم يقتله ، فقال له جابان : لا تقتلني ولك علي غلام وجارية دون أصحابك . قال : فحمله الأنصاري مردفا على فرسه [2] ، فلما أدخله العسكر قالت له قبائل ربيعة : يا فتى ! هل عرفت أسيرك ؟ قال : نعم هو بعض عدوي ، فقالت : ويحك ! هذا جابان ملك هذه الناحية ، فبماذا أرضاك حتى كففت عنه ولم تقتله ؟ قال : غلام وجارية ، فقالت ربيعة : تربت يداك ! لو طلبت من هذا مائة غلام ومائة جارية لاعطاك ، فقال : ما كنت بالذي أغدر به بعد أن أخذ موثقي وأخذت موثقه . قال : فلما سمع جابان أعطاه غلامين وجاريتين وفرسين وألفي درهم ، وأسلم وحسن إسلامه [3] ، فولاه أبو عبيد ( 1 ) أرضه . وبلغ ذلك كسرى يزدجرد بن هرمز بأن جابان قد أسر وقد دخل في دين العرب ، فاغتم لذلك غما شديدا ، ثم دخل إلى ابنة له يقال لها بوران ( 4 ) وكانت
[1] بالأصل : أبو عبيدة . وقد صحح في المواضع التالية دون الإشارة إليه . [2] وقيل إن مطر أطلقه ، وأمسكه بعض المسلمين وأبوا أن يطلقوه وجاؤوا به الأمير ، الذي أقر أمان مطر بن فضة له وأبي أن يقتله . ( الطبري - ابن الأثير - ابن كثير ) . [3] لم يرد في المصادر السابقة ذلك . ( 4 ) عن الطبري : 3 / 450 وبالأصل : ( بودى ) تحريف . وقد صححت في كل المواضع التالية دون الإشارة إلى ذلك .