سيدة بنات الفرس في دهرها ، فلما نظرت إلى أبيها يزدجرد مغموما فقالت : ما حالك أيها الملك ؟ فخبرها بأن جابان قد أسر ودخل في دين العرب ، فقالت : لا عليك أنا أفرج عنك . ثم إنها كتبت إلى ملك أذربيجان [1] يقال له مهران بأن العرب قد ظهروا علينا فهلم إلى ما قبلنا بخيلك ورجلك فقاتلهم ، فإن ظفرت بهم زوجتك نفسي ووضعت تاج أبي على رأسك عشر سنين ، فإذا انقضت العشرة رددتك إلى بلادك وضممت إليك أرمينية فجعلتها زيادة على عملك . قال : فلما ورد كتاب بوران على مهران أجابها في العدة والعدد فخرج من بلاد أذربيجان في ثمانين ألفا أو يزيدون ، ومعه الفيلة مشهورة بأنواع الزينة على ظهورها القباب حتى صار إلى العراق ، ثم دخل إلى يزدجرد ، فأدناه يزدجرد ووعده ومناه . فلما كان من غد سار مهران إلى حرب المسلمين حتى نزل على شاطئ الفرات في ثمانين ألفا . قال : ونظرت العرب إلى ذلك وهم من ذلك الجانب ، فقال أبو عبيد بن مسعود لسليط بن قيس : يا أبا عمرو ! ما ترى ؟ قال : أرى أن العرب تكر ولا تفر ، والرأي عندي أن ترحل من هذا الموضع إلى فضاء من الأرض ونجعل للخيل متسعا وجولانا ، قال : فقال أبو عبيد : يا أبا عمرو ! إنك فارسها وقد جبنت ؟ فقال سليط بن قيس : قد أمرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن تسمع مشورتي ولا ترد نصيحتي ، قال أبو عبيد : ولا قبلت نصيحتك ولأعقدن إليهم جسرا ولأعبرن إليهم لي أم علي ، فسكت سليط بن قيس . وعقد الجسر بموضع يقال له بانقيا [2] ، وكان الذي عقده لهم رجل من الدهاقين يقال له برصلوما [3] ، وعبر أبو عبيد بالمسلمين وهم خمسة آلاف إلى مهران [4] وهو
[1] بالأصل بأذربيجان وما أثبتناه عن معجم البلدان . [2] كذا ، وفي الطبري 3 / 454 بالمروحة ويقال قس الناطف ويقال : الجسر ( الكامل 2 / 88 ) ، وقس الناطف : موضع على شاطئ الفرات الشرقي بسواد الكوفة . والمروحة على شاطئ الفرات الغربي ( معجم البلدان ) . [3] في الكامل لابن الأثير : ابن صلوبا . وفي تاريخ خليفة : صلوتا . [4] كذا بالأصل ، وفي الطبري وابن الأثير : بهمن جاذويه ، وفي فتوح البلدان : ( ويقال اسمه رستم ) ، ويقال له : ذا الحاجب لأنه كان يعصب حاجبيه بعصابة ليرفعهما كبر . وفي تاريخ خليفة : بهمن بن خوهر مزمان . وفي البداية والنهاية : بهمس حادويه . وفي تاريخ اليعقوبي : بعث إليهم رستم بذي الحاجب .