على عمر بن الخطاب [1] رضي الله عنه وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار عن يمينه وشماله ، فوقف بين يديه وسلم على عمر ، فقال : من أنت أيها الرجل ؟ فقال : أنا المثنى بن حارثة الشيباني ، فقال عمر : مرحبا بك وسهلا ، حياك الله وقربك وحيا حيا أنت منه ! فلقد سمعت أخبارك بديا ، ولقد كنت أحب أن أراك ، فما الذي أقدمك يا مثنى ؟ قال : ما قد تبينت به من الفرس وتعديهم علي وعلى قومي ، قال : فقال له عمر رضي الله عنه : إني قد سمعت قولك يا مثنى ! فصف لي أرضهم ، فقال : هي أرض كثيرة الزرع والضرع ، ترابها مال وأمرها عال ، قال : فصف لي رجالها ، فقال : هم رجال طوال ، عظام جسام ، شديد كلبهم كثير سلبهم ، ضعيفة قلوبهم لا منعة لهم من صدقهم عليهم . قال : فنشط عمر لغزوهم فقام في الناس خطيبا فحمد الله واثنى عليه ثم قال [2] : أيها الناس ! إن الله عز وجل وعد نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يفتح عليه فارس والروم ! والله لا يخلف وعده ولا يخذل جنده ، فسارعوا رحمكم الله إلى جهاد أعدائكم من الفرس ، فإنكم بالحجاز في غير دار مقام وقد وعدكم الله عز جل كنوز كسرى وقيصر ، والمواعيد من الله عز وجل مضمونة وأمر الله تعالى مفعول ، والقول من رسول الله صلى الله عليه مقبول ، وما لم يورثكموه الله عز وجل اليوم يورثكموه غدا ، وإنكم لن تغنموا حتى تغيروا ولن تستشهدوا حتى تقاتلوا ، وهذا المثنى بن حارثة قد أتاكم من العراق يدعوكم إلى جهاد عدوكم ، فسارعوا رحمكم الله إلى ذلك ولا تتغافلوا عن الجهاد في سبيل الله . قال : فنكس القوم رؤسهم إجلالا وإعظاما لغزو الفرس ، [3] فوثب أبو
[1] كذا بالأصل . انظر الحاشية السابقة . قال الطبري : أول ما عمل به عمر أن ندب الناس مع المثنى . . . إلى أهل فارس قبل صلاة الفجر ، من الليلة التي مات فيها أبو بكر ، ثم أصبح فبايع الناس . [2] الطبري 3 / 445 باختلاف . [3] قيل في الطبري أن عمرا ندب الناس أربعة أيام ولم ينتدبوا فقد ( كان وجه فارس من أكره الوجوه إليهم وأثقلها عليهم ، لشدة سلطانهم وشوكتهم وعزهم وقهرهم الأمم ) 3 / 444 وانظر ابن الأثير 2 / 84 - 85 البداية والنهاية 7 / 32 .