نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 321
وهذه أقلّ حصيلة يمكن أن تتصوّر في البكاء . . حيث إنّ أدنى مرتبة من مراتب مجلس الرثاء والتعزية هي نفس هذا المقدار أيضاً - وهو في الواقع أمر عظيم ينبغي عدم الاستهانة به . . حيث يولّد الإنجذاب نحو الفضائل ، والنفرة والارتداع عن الرذائل . . وهل المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير هذا ؟ وهل الغاية في نشر الدين وتبليغ الرسالة إلاّ انتشال الفرد من مستنقع الرذائل والصعود به وإلى سموّ الفضائل . . هذا أدنى حصيلة عمليّة تنشأ من البكاء . . فهو نوع من المجاوبة والتفاعل لا الجمود والخمول ، ولا الحياديّة السلبيّة . . فربّما يواجه الإنسان فضيلةً وتُعرض عليه رذيلةً ، فيظلّ مرتاباً متردّداً . . ومتربصاً في نفسه لا يحسم الموقف : ( وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ ) [1] . . فيضلّ يعيش فترة حياديّة مع نفسه ، لا هو ينجذب للفضائل ، ولا يتأثّر بالرذائل ، يعني تسيطر على نفسه حالة تربّص . . وهذه حالة التربّص قد ذمّها القرآن الكريم ، وهي مرغوب عنها في علم الأخلاق وعلم السير والسلوك ، لأنّ نفس التوقف هو تسافل ودركات . . أمّا الإنجذاب نحو الفضائل فيُعتبر نوعاً من التفاعل السليم . . فالبكاء يعني التأثّر والانجذاب والإقرار والاذعان ، وبالتالي التبعية . . بخلاف ما لو لم يبكِ الإنسان ولم يتفاعل ، بل يكون موقفه التفرّج والحياديّة ، وشتّان بين الحالتين ! أضف إلى ذلك أنّ في البكاء نوعاً من التولّي . . حيث إنّ البكاء يدلّ على