نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 201
الانحراف الكبير بين مسار بني أميّة وبين الدين ، فقد كان حكّام بني أميّة يتستّرون برداء الدين . . فمن ثمّ كان في هذا المنكر خصوصيّة متميّزة لا نجدها في أيّ نوع آخر من المنكر ، وإنّما هو نوع منكر ينطوي على طمس ومحو وزوال لأصل الدين الحنيف . . فكان الحسين عليه السلام أشدّ تصلّباً في ذلك . . منذ هجرته من المدينة في رجب ، وبقائه إلى الثامن من ذي الحجّة في مكّة ، قرابة أربعة أشهر ، تحت وطأة إرهاب الظالمين ، ولم يُعلِّل عليه السلام خروجه بعلّة غير هذه العلّة ، وهي المعارضة العلنيّة والصارمة للسلطة الغاصبة وللخلافة الزائفة ، وبيان أحقّيّته لهذا الأمر من القرآن ومن أقوال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم . . التحليل الثالث : مبايعة أهل الكوفة له ، وإرسالهم إليه الكُتب للقدوم إليهم . . واستنصارهم له عليه السلام . . ومن المقرّر في مذهب الإماميّة أنّ المعصوم عليه السلام إذا وَجد مَن ينهض به بمقدار العُدّة الكافية والعدد وجب عليه النهوض . . كما في قول الأمير عليه السلام في نهج البلاغة : « أَمَا والّذي خَلقَ الحَبّة وبَرأ النَسَمة لولا حضورُ الحاضر ، وقيام الحُجة بوجود الناصر ، وما أَخَذ اللهُ على العلماء أن لا يُقارّوا على كِظّة ظالِم ولا سَغَب مظلوم ، لألقيتُ حَبلَها على غاربها ، وسقيتُ آخرَها بكأس أوّلها . ولألفيتم دُنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز » [1] . . فهذا الوجه الآخر - وهذا الوجه الثالث - إنّما وقع له عليه السلام بعد معرفة أهل الكوفة والعراق بإمتناعه وإبائه عن بيعة يزيد . . فمن ثمَّ وجدوا فيه الأمَل للتخلّص من
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 202 - الخطبة الشقشقيّة .
201
نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 201