نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 396
وعبيد الله بن جحش ، فتنصروا كلهم ، لأنهم وجدوه أقرب الأديان إذ ذاك إلى الحق . إلا زيد بن عمرو بن نفيل فإنه رأى فيه دخلا وتخبيطا وتبديلا وتحريفا وتأويلا ، فأبت فطرته الدخول فيه أيضا ، وبشره الأحبار والرهبان بوجود نبي قد أزف زمانه واقترب أوانه . فرجع يتطلب ذلك ، واستمر على فطرته وتوحيده . لكن اخترمته المنية قبل البعثة المحمدية . وأدركها ورقة بن نوفل وكان يتوسمها في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما قدمنا ، بما كانت خديجة تنعته له وتصفه له ، وما هو منطو عليه من الصفات الطاهرة الجميلة وما ظهر عليه من الدلائل والآيات . ولهذا لما وقع ما وقع أخذت بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت به إليه ، فوقفت به عليه وقالت : ابن عم ، اسمع من ابن أخيك . فلما قص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ، قال ورقة : سبوح سبوح ، هذا الناموس الذي أنزل على موسى . ولم يذكر عيسى وإن كان متأخرا بعد موسى ، لأنه كانت شريعته متممة ومكملة لشريعة موسى عليهما السلام ، ونسخت بعضها على الصحيح من قول العلماء . كما قال ( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ) [1] وقول ورقة هذا كما قالت الجن : ( يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) [2] . ثم قال ورقة : " يا ليتني فيها جذعا " أي يا ليتني أكون اليوم شابا متمكنا من الايمان والعلم النافع والعمل الصالح .