نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 394
الصنيع المشق على النفوس . كما قال تعالى ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) [1] ولهذا كان عليه الصلاة والسلام إذا جاءه الوحي يحمر وجهه ، ويغط كما يغط البكر من الإبل ، ويتفصد جبينه عرقا في اليوم الشديد البرد . وقوله : " فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة يرجف فؤاده " . وفى رواية : " بوادره " جمع بادرة . قال أبو عبيدة : وهي لحمة بين المنكب والعنق . وقال غيره : هي عروق تضطرب عند الفزع . وفى بعض الروايات ترجف بآدله ، واحدتها بادلة . وقيل بادل ، وهو ما بين العنق والترقوة . وقيل أصل الثدي . وقيل : لحم الثديين . وقيل غير ذلك . فقال : " زملوني زملوني " ، فلما ذهب عنه الروع قال لخديجة : " ما لي ؟ أي شئ عرض لي ؟ ! " وأخبرها ما كان من الامر . ثم قال : " لقد خشيت على نفسي " وذلك لأنه شاهد أمرا لم يعهده قبل ذلك ، ولا كان في خلده . ولهذا قالت خديجة : أبشر ، كلا والله لا يخزيك الله أبدا . قيل : من الخزي ، وقيل : من الحزن . وهذا لعلمها بما أجرى الله به جميل العوائد في خلقه ، أن من كان متصفا بصفات الخير لا يخزى في الدنيا ولا في الآخرة . ثم ذكرت له من صفاته الجليلة ما كان من سجاياه الحسنة . فقالت : " إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث " وقد كان مشهورا بذلك صلوات الله وسلامه عليه عند الموافق والمفارق . " وتحمل الكل " أي عن غيرك ، تعطى صاحب العيلة ما يريحه من ثقل مؤنة عياله .