وقوله : أنى ، أي : حان ، وقد قلبوه ، فقالوا : آن يئين ، والدليل على أن آن يئين مقول من : أنى يأني ، قوله : آناء الليل ، وواحدها : إني وأنى وإني ، فالنون مقدمة على الياء في كل هذا ، وفي كل ما صرف منه نحو : الإناء ، والآني : الذي بلغ أناه أي : منتهى وقته في التسخين ، وهذا المعنى كقولهم في المثل : الدهر حبلى لا يدري ما تضع ، إن كان أراد بالمنون في البيت : الدهر ، وإن كان أراد بالمنون : المنية ، فبعيد أن يقال : تمخضت المنون له بهذا اليوم الذي مات فيه ، فإن موته : منيته ، فكيف تتمخض المنية بالمنية إلا أن يريد أسبابها ، وما مني له ، أي : قدر من وقتها ، فتصح الاستعارة حينئذ ، ويستقيم التشبيه . وقول ابن حق : وكسرى إذ تقسمه بنوه . وإنما كان قتله على يدي ابنه شيرويه ، لكن ذكر بنيه لأن بدء الشر بينه وبينهم أن فرخان رأى في النوم : أنه قاعد على سرير الملك في موضع أبيه ، فبلغ أباه ذلك ، فكتب إلى ابنه شهريار وكان والياً له على بعض البلاد : أن اقتل أخاك فرخان ، فأخفى شهريار الكتاب من أخيه ، فكتب إليه مرة أخرى ، فأبى من ذلك ، فعزله وولى فرخان ، وأمره بقتل شهريار ، فعزم على ذلك ، فأراه شهريار الكتاب الذي كتب له أبوه فيه ، فتواطئا عند ذلك على القيام على أبيهما ، وأرسلا إلى ملك الروم يستعينان به في خبر طويل ، فكان هذا بدء الشر ، ثم إن الفرس خلعت كسرى لأحداث أحدثها ، وولت ابنه شيرويه ، فكان كسرى أبرويز ربما أشار برأي من محبسه ، فقالت المرازبة لشيرويه : لا يستقيم لك الملك إلا أن تقتل أباك ، فأرسل إليه من يقتله ، فيقال : إنه كان يضرب بالسيف ، فما يعمل فيه شيئاً ، ففتش فوجد على عضده حجر معلق كالخرزة ، فنزع فعملت فيه السلاح ، وكان قبل يقول لابنه : يا قصير العمر ، فلم يدم أمره بعده إلا أقل من ستة أشهر فيا ذكروا والله أعلم . كتاب الحجر الذي في اليمن : وقوله : وجد بحجر باليمن : لمن وجد بحجر باليمن : لمن ملك ذمار . وحكى ابن هشام عن يونس ذمار بفتح الذال ، فدل على أن رواية ابن إسحاق بالكسر ، فإذا كان بكسر الذال فهو غير مصروف ؛ لأنه اسم لمدينة والغالب عليه التأنيث ، ويجوز صرفه أيضاً ؛ لأنه اسم بلد ، وإذا فتحت الذال ، فهو مبني مثل : رقاش وحذام ، وبنو تميم يعربون مثل هذا البناء فيقولون : رقاش وحذام في