وأنشد لأمية بن أبي الصلت ، واسم أبي الصلت : ربيعة بن وهب في قول الزبير : قومي إيادٌ لو أنهم أممٌ * أولو أقاموا ، فتهزل النّعم يريد : أي : لو أقاموا بالحجاز ، وإن هزلت نعمهم ؛ لأنهم انتقلوا عنها ، لأنها ضاقت عن مسارحهم ، فصاروا إلى ريف العراق ؛ ولذلك قال : والقط والقلم ، والقط : ما قط من الكاغد والرق ونحوه ، وذلك أن الكتابة كانت في تلك البلاد التي ساروا إليها ، وقد قيل لقريش : ممن تعلمتم القط ؟ فقالوا : تعلمناه من أهل الحيرة ، وتعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار ، ونصب قوله : فتهزل النعم بالفاء على جواب التمني المضمن في لو ، نحو قوله تعالى : « فَلَوْ أنَّ لنا كَرَّةً فنكونَ من المؤمنين » الشعراء وأما تسمية قسي بثقيف ، فسيأتي سبب ذلك في غزوة الطائف إن شاء الله تعالى . المغمس ضبطه واشتقاقه : وقوله : فلما نزل أبرهة المغمس هكذا ألفيته في نسخة الشيخ أبي بحر المقيدة على أبي الوليد القاضي بفتح الميم الآخرة من المغمس . وذكر البكري في كتاب المعجم عن ابن دريد وعن غيره من أئمة اللغة أنه المغمس . بكسر الميم الآخرة ، وأنه أصح ما قيل فيه ، وذكر أيضاً أنه يروى بالفتح ، فعلى رواية الكسر هو : مغمس مفعل من غمست ، كأنه اشتق من الغميس وهو الغمير ، وهو النبات الأخضر الذي ينبت في الخريف تحت اليابس ، يقال : غمس المكان وغمر إذا نبت فيه ذلك ، كما يقال ؛ صوح ، وشجر ، وأما على رواية الفتح ، فكأنه من غمست الشيء ، إذا غطيته ، وذلك أنه مكان مستور إما بهضاب وإما بعضاه ، وإنما قلنا هذا ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان بمكة ، كان إذا أراد حاجة الإنسان خرج إلى المغمس ، وهو على ثلث فرسخ منها ، كذلك رواه علي بن السكن في كتاب السنن له ، وفي السنن لأبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز أبعد ، ولم يبين مقدار البعد ، وهو مبين في حديث ابن السكن كما قدمنا ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتي مكاناً للمذهب إلا وهو مستور منخفض ، فاستقام المعنى فيه على الروايتين جميعاً .