وهكذا روي هذا القسيم ناقصاً قاله البرقي ، وقد روي عن ابن إسحاق من غير رواية ابن هشام : هونكما لن يرد . قال : وهو من باب قول العرب للواحد : افعلا ، وهو كثير في القرآن والكلام . وفيه : أبعد بينون لا عينٌ ولا أثر * وبعد سلحين يبني الناس أبياتا فبينون وسلحين مدينتان خربهما أرياط كما ذكر . قال البكري في كتاب معجم ما استعجم : سميت بينون لأنها كانت بين عمان والبحرين ، فهي إذا على قوله : فعلون من البين ، والياء أصلية ، وقياس النحويين يمنع من هذا ؛ لأن الإعراب إذا كان في النون لزمت الاسم الياء في جميع أحواله ، كقنسرين وفلسطين ألا ترى كيف قال في آخر البيت : وبعد العرب بالواو في الرفع ، وبالياء في الخفض ، والنصب . يقول أيضاً : أبعد بينين ، وليس بالمكان ، وبن ذا أقام فيه ، لكنه لا ينصرف للتعريف والتأنيث ، غير أن أبا سعيد السيرافي ذكر وجهاً ثالثاً للعرب في تسمية الاسم بالجمع المسلم ، فأجاز أن يكون الإعراب في النون ، وتثبت الواو ، وقال في زيتون : إنه فعلون من الزيت ، وأجاز أبو الفتح بن جني أن يكون الزيتون فعولاً من الزيت ، ولكن من قولهم زتن المكان إذا أنبت الزيتون ، فإن صحت هذه الحكاية عن العرب ، وإلا فالظاهر أنه من الزيت ، وأنه فعلون ، وقد كثر هذا في كلام الناس غير أنه ليس في كلام العرب القدماء ، ففي المعروفين من أسماء الناس : سحنون وعبدون قال الشاعر وهو ابن المعتز : سقى الجزيرة ذات الظلّ والشجر * ودير عبدون هطّالٌ من المطر ودير عدبون معروف بالشام ، وكذلك دير فينون غير أن فينون يحتمل أن يكون فيعولاً ، فلا يكون من هذا الباب ، كما قلنا في بينون ، وهو الأظهر .