فإذا قال لك أهلك : أين كنت ؟ فأخبرهم أنك كنت عند الكاهن ، قال : فبينما الغلام على ذلك إذ مر بجماعة من الناس كثير قد حبستهم دابة ، فقال بعضهم : إن تلك الدابة كانت أسداً ، فأخذ الغلام حجراً ، فقال : اللهم إن كان ما يقول الراهب حقاً فأسألك أن تقتله ، قال : ثم رمى ، فقتل الدابة ، فقال الناس : من قتلها ؟ فقالوا : الغلام ، ففزع الناس ، وقالوا : لقد علم هذا الغلام علماً لم يعلمه أحد . قال : فسمع به أعمى ، فقال له : إن أنت رددت بصري فلك كذا وكذا ، فقال له : لا أريد منك هذا ، ولكن أرأيت إن رجع إليك بصرك أتؤمن بالذي رده ؟ قال : نعم . قال : فدعا الله ، فرد عليه بصره فآمن الأعمى ، فبلغ الملك أمرهم ، فبعث إليهم ، فأتى بهم ، فقال : لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتل بها صاحبه ، فأمر بالراهب وبالرجل الذي كان أعمى ، فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله ، ثم قتل الآخر بقتلة أخرى ، ثم أمر بالغلام ، فقال : انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا ، فألقوه من رأسه ، فانطلقوا به إلى ذلك الجبل ، فلما انتهوا إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه منه ، جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ، ويتردون منه ، حتى لم يبق منهم إلا الغلام ، قال ؛ ثم رجع فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر ، فيلقونه فيه ، فانطلق به إلى البحر ، فغرق الله الذين كانوا معه ، وأنجاه ، فقال الغلام للملك : إنك لا تقتلني حتى تصلبني وترميني ، وتقول إذا رميتني : باسم الله رب هذا الغلام . قال : فأمر به ، فصلب ثم رماه ، فقال : باسم الله رب هذا الغلام : فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي ثم مات ، فقال الناس : لقد علم هذا الغلام علماً ما علمه أحد ، فإنا نؤمن برب هذا الغلام ، قال : فقيل للملك : أجزعت أن خالفك ثلاثة ، فهذا العالم كلهم قد خالفوك ، قال : ؛ فخد أخدوداً ، ثم ألقى فيه الحطب والنار ، ثم جمع الناس ، فقال : من رجع عن ذنبه تركناه ، ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار ، فجعل يلقيهم في ذلك الأخدود . قال : يقول الله سبحانه : « قُتِل أصحابُ الأُخْدُودِ النارِ ذات الْوَقُودِ » حتى بلغ : « العزيز الحميد » البروج . قال : فأما الغلام فإنه دفن . قال : فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأصبعه على صدغه ، كما وضعها حين قتل . رواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق عن معمر ، ورواه مسلم عن هداب بن خالد عن حماد بن سلمة ، ثم اتفقا عن ثابت ، عن ابن أبي ليلى عن صهيب غير أن في حديث مسلم أن الأعمى الذي شفي ، كان جليساً للملك ، وأنه جاءه بعد ما شفي ، فجلس من الملك كما كان يجلس فقال : من رد عليك بصرك ، قال : ربي ، قال : وهل لك رب غيري ؟ ! فقال : الله ربي وربك ، فأمر بالمنشار ، فجعل على رأسه حتى وقع شقاه ، وأمر بالراهب ففعل به ، مثل ذلك ، وزاد مسلم في آخر الحديث . قال : فأتي بامرأة لتلقى في النار ، ومعها صبي يرضع فقال لها الغلام : يا أمه لا تجزعي ، فإنك على الحق ، وذكر ابن قتيبة أن الغلام الرضيع كان من سبعة أشهر .