ألا ترى قول أيوب عليه السلام في بلائه : قد كنت أمر بالرجلين يتنازعان ، فيذكران الله يعني في تنازعها ، أي تخاصمهما فأرجع إلى بيتي ، فأكفر عنهما كراهة أن يذكر الله إلا في حق وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : كرهت أن أذكر الله إلا على طهر فقد لاح لك تعظيم الأنبياء له . والجواب الثاني : أن الدعاء به إذا كان من القلب ، ولم يكن بمجرد اللسان استجيب للعبد ، غير أن الاستجابة تنقسم كما قال عليه السلام إما أن يعجل له ما سأل وإما أن يدخر له ، وذلك خير مما طلب ، وإما أن يصرف عنه من البلاء بقدر ما سأل من الخير ، وأما دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ألا يجعل بأسهم بينهم ، فمنعها ، فقد أعطي عوضاً لهم من ذلك : الشفاعة لهم في الآخرة ، وقد قال : أمتي هذه أمة مرحومة ، ليس عليها في الآخرة عذاب ، عذابها في الدنيا : الزلازل والفتن . خرجه أبو داود ، فإذا كانت الفتن سبباً لصرف عذاب الآخرة عن الأمة ، فما خاب دعاؤه لهم . على أنني تأملت هذا الحديث ، وتأملت حديثه الآخر حين نزلت : « قُلْ هو القادر على أن يَبْعثَ عليكم عَذاباً من فوقِكم » الأنعام . فقال : أعوذ بوجهك . فلما سمع : « أوْ مِنْ تحتِ أرجلِكم » قال : أعوذ بوجهك ، فلما سع « أوْ يَلبسَكُمْ شِيَعاً ويذيقَ بعضَكم بأْسَ بعض » . قال : هذه أهون .