معنى قول الشاعر : دائب ملواهما . والملوان : الليل والنهار . وهو مشكل ؛ لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه . لكنه جاز ههنا لأن الملا هو : المتسع من الزمان والمكان ، وسمي الليل والنهار : ملوين ، لانفساحهما ، فكأنه وصف لهما ، لا عبارة عن ذاتيهما ؛ ولذلك جازت إضافته إليها ، فقال : دائت ملواهما أي : مداهما وانفساحهما . وقد رأيت معنى هذا الكلام في هذا البيت بعينه لأبي علي الفسوري في بعض مسائله الشيرازية . وقوله : لا يكن قدره . دعاء عليه : والهاء عائدة على عمرو . أراد لا يكن قدر عليه . وحذف حرف الجر ، فتعدى الفعل ، فنصب ، ولا يجوز حذف حرف الجر في كل فعل ، وإنما جاز في هذا ، لأنه في معنى : استطاعه ، أو أطاعه ، فحمل على ما هو في معناه ، ونظائره كثيرة ، والبيت الذي أنشده : ليت حظّي من أبي كرب * أن يسدّ خيره خبله قال البرقي : نسب هذا البيت إلى الأعشى ، ولم يصح قال : وإنما هو لعجوز من بني سالم . أحبه قال في اسمها : جميلة ، قالته حين جاء مالك بن العجلان بخبر تبع ، فدخل سراً ، فقال لقومه : قد جاء تبع ، فقالت العجوز البيت . وقوله في حديث تبع : وقوم يزعمون أن حنقه إنما كان على هذين السبطين من يهود يقوي ما ذكرناه قبل هذا عنه . والشعر الذي زعم ابن هشام أنه مصنوع قد ذكره في كتاب التيجان ، وهو قصيد مطول أوله : ما بال عينك لا تنام ، كأنما * كحلت مآقيها بسمّ الأسود حنقاً على سبطين حلاّ يثرباً * أولى لهم بعقاب يوم مفسد وذكر في القصيدة ذا القرنين ، وهو الصعب بن ذي مراثد ، فقال فيه : ولقد أذل الصعب صعب زمانه * وأناط عروة عزّه بالفرقد لم يدفع المقدور عن قوّةٌ * عند المنون ، ولا سموّ المحتد والصنعة بادية في هذا البيت ، وفي أكثر شعره ، وفيه يقول : فأتى مغار الشمس عند غروبها * في عين ذي خلب وثأط حرمد والخلب : الطين ، والثأط الحرمد : وهو الحمأ الأسود ، وروى نقلة الأخبار أن تبعاً لما عمد إلى البيت يريد إخرابه رمي بداء تمخض منه رأسه قيحاً وصديداً يثج ثجاً ، وأنتن ، حتى لا يستطيع أحد أن يدنو منه قيد الرمح ،