responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام نویسنده : عبد الرحمن بن عبد الله ابن أحمد بن أبي الحسن الخثعمي السهيلي    جلد : 1  صفحه : 279


كانت ربة بيت إسلام لم يكن على الأرض بيت إسلام إلا بيتها حين آمنت ، وأيضاً فإنها أول من بنى بيتاً في الإسلام بتزويجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبتها فيه ، وجزاء الفعل يذكر بلفظ الفعل ، وإن كان أشرف منه لما جاء : من كسا مسلماً على عري كساه الله من حلل الجنة ، ومن سقى مسلماً على ظمأ سقاه الله من الرحيق ، ومن هذا الباب قوله عليه السلام : من بنى لله مسجداً بنى الله له مثله في الجنة لم يرد مثله في كونه مسجداً ، ولا في صفته ولكن قابل البنيان بالبنيان ، أي كما بنى يبنى له ، كما قابل الكسوة بالكسوة والسقيا ، بالسقيا ، فها هنا وقعت المماثلة ، لا في ذات المبني أو المكسو ، وإذا ثبت هذا ، فمن ههنا اقتضت الفصاحة أن يعبر لها عما بشرت به بلفظ البيت ، وإن كان فيه ما لا عين رأته ، ولا أذن سمعته ، ولا خطر على قلب بشر ، ومن تسمية الجزاء على الفعل بالفعل في عكس ما ذكرناه قوله تعالى : « نَسُوا اللّه فنَسِيَهُم » ، « ومَكَروا ومَكَر اللَّهُ » .
وأما قوله : لا صخب فيه ، ولا نصب ، فإنه أيضاً من باب ما كنا بسبيله ، لأنه عليه السلام دعاها إلى الإيمان ، فأجابته عفواً ، لم تحوجه إلى أن يصخب كما يصخب البعل إذا تعصت عليه حليلته ، ولا أن ينصب ، بل أزالت عنه كل نصب ، وآنسته من كل وحشة ، وهونت عليه كل مكروه ، وأراحته بمالها من كل كد ونصب ، فوصف منزلها الذي بشرت به بالصفة المقابلة لفعالها وصورته .
وأما قوله : من قصب ، ولم يقل : من لؤلؤ ، وإن كان المعنى واحداً ، ولكن في اختصاصه هذا اللفظ من المشاكلة المذكورة والمقابلة بلفظ الجزاء للفظ العمل أنها رضي الله عنها كانت قد أحرزت قصب السبق إلى الإيمان دون غيرها من الرجال والنسوان . والعرب تسمي السابق محرزاً للقصب . قال الشاعر :
مشى ابن الزّبير القهقرى ، وتقدمت * أُميّة حتى أحرزوا القصبات فاقتضت البلاغة أن يعبر بالعبارة المشاكلة لعملها في جميع ألفاظ الحديث فتأمله .
الموازنة بين خديجة وعائشة وفاطمة : وذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة : « هذا جبريل يقرئك السلام من ربك » . الحديث يذكر عن أبي بكر بن داود أنه سئل : أعائشة أفضل ، أم خديجة ؟ فقال : عائشة أقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام من جبريل ، وخديجة أقرأها جبريل السلام من ربها على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فهي أفضل ، قيل له : فمن أفضل ، أخديجة أم فاطمة ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن فاطمة بضعة مني فلا أعدل ببضعة من رسول الله أحداً ، وهذا استقراء حسن ، ويشهد لصحة هذا الاستقراء أن أبا لبابة حين ارتبط نفسه ، وحلف ألا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت فاطمة لتحله ، فأبى من أجل قسمه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما فاطمة مضغة مني ، فحلته وسنذكر الحديث بإسناده في موضعه ، إن شاء الله تعالى ، ويدل أيضاً على تفضيل فاطمة قوله عليه السلام لها : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم ؟ فدخل في هذا الحديث أمها وأخواتها ، وقد تكلم الناس في المعنى الذي سادت به فاطمة غيرها دون أخواتها ، فقيل :

279

نام کتاب : الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام نویسنده : عبد الرحمن بن عبد الله ابن أحمد بن أبي الحسن الخثعمي السهيلي    جلد : 1  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست