رأي السهيلي في الزواج من امرأة الأب في الجاهلية : وأم زيد هي : الحيداء بنت خالد الفهمية ، وهي امرأة جده نفيل ولدت له الخطاب فهو أخو الخطاب لأمه ، وابن أخيه ، وكان ذلك مباحاً في الجاهلية بشرع متقدم ، ولم تكن من الحرمات التي انتهكوها ، ولا من العظائم التي ابتدعوها ، لأنه أمر كان في عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنانة تزوج امرأة أبيه خزيمة ، وهي برة بنت مر ، فولدت له النضر بن كنانة ، وهاشم أيضاً قد تزوج امرأة أبيه وافدة فولدت له ضعيفة ، ولكن هو خارج عن عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها لم تلد جداً له ، أعني : واقدة ، وقد قال عليه السلام : أنا من نكاح لا من سفاح ، ولذلك قال سبحانه : « ولا تَنْكِحُوا ما نكح آباؤُكم من النساء إلاَّ ما قد سَلَف » النساء . أي : إلا ما سلف من تحليل ذلك قبل الإسلام : وفائدة هذا الاستثناء ألا يعاب نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليعلم أنه لم يكن في أجداده من كان لغية ولا من سفاح . ألا نرى أنه لم يقل في شيء نهى عنه في القرآن : إلا ما قد سلف ، نحو قوله : « ولا تقربوا الزِّنا » ولم يقل إلا ما قد سلف : « ولا تقتلوا النفسَ التي حَرَّم اللّه » الإسراء ولم يقل إلا ما قد سلف ، ولا في شيء من المعاصي التي نهى عنها إلا في هذه ، وفي الجمع بين الأختين ؛ لأن الجمع بين الأختين قد كان مباحاً أيضاً في شرع من قبلنا ، وقد جمع يعقوب بين راحيل وأختها ليا فقوله : إلا ما قد سلف التفاتة إلى هذا المعنى ، وتنبيه على هذا المغزى ، وهذه النكتة لقنتها من شيخنا الإمام الحافظ أبي بكر محمد بن العربي رحمه الله وزيد هذا هو : والد سعيد بن زيد أحد العشرة الذين شهد لهم بالجنة ، وأم سعيد : فاطمة بنت نعجة بن خلف الخزاعي .