إلى موضع الركن ، فأخبره عن الركن فيه ، ودله على موضعه منه ، وانتبه من ههنا إلى الحكمة في أن سودته خطايا بني آدم دون غيره من حجارة الكعبة وأستارها ، وذلك أن العهد الذي فيه هي الفطرة التي فطر الناس عليها من توحيد الله ، فكل مولود يولد على تلك الفطرة ، وعلى ذلك الميثاق ، فلولا أن أبويه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ، حتى يسود قلبه بالشرك ، لما حال عن العهد ، فقد صار قلب ابن آدم محلاً لذلك العهد والميثاق ، وصار الحجر محلاً لما كتب فيه من ذلك العهد والميثاق ، فتناسبا ، فاسود من الخطايا قلب ابن آدم بعدما كان ولد عليه من ذلك العهد ، واسود الحجر بعد ابيضاضه ، وكانت الخطايا سبباً في ذلك حكمةً من الله سبحانه ، فهذا ما ذكر في بنيان الكعبة ملخصاً ، منه ما ذكر الماوردي ، ومنه ما ذكره الطبري ، ومنه ما وقع في كتاب أبي الوليد الأزرقي في أخبار مكة ، ومن أحاديث في المسندات المروية ، وسنورد في باقي الحديث بعض ما بلغنا في ذلك مستعينين بالله . < فهرس الموضوعات > الركن اليماني وسبب تسميته < / فهرس الموضوعات > الركن اليماني وسبب تسميته : وأما الركن اليماني فسمي باليماني فيما ذكر القتبي لأن رجلاً من اليمن بناه اسمه : أبي بن سالم وأنشد : لنا الركن من بيت الحرام وراثةً * بقية ما أبقى أُبيّ بن سالم < فهرس الموضوعات > بناء المسجد الحرام < / فهرس الموضوعات > بناء المسجد الحرام : وأما المسجد الحرام فأول من بناه عمر بن الخطاب ، وذلك أن الناس ضيقوا على الكعبة ، وألصقوا دورهم بها ، فقال عمر : إن الكعبة بيت الله ، ولا بد للبيت من فناء ، وإنكم دخلتم عليها ، ولم تدخل عليكم ، فاشترى تلك الدور من أهلها وهدمها ، وبنى المسجد المحيط بها ، ثم كان عثمان ، فاشترى دوراً أخرى ، وأغلى في ثمنها ، وزاد في سعة المسجد فلما كان ابن الزبير زاد في إتقانه ، لا في سعته ، وجعل فيه عمداً من الرخام ، وزاد في أبوابه ، وحسنها ، فلما كان عبد الملك بن مروان زاد في ارتفاع حائط المسجد ، وحمل إليه السواري في البحر إلى جدة ، واحتملت من جدة على العجل إلى مكة ، وأمر الحجاج بن يوسف فكساها الديباج ، وقد كنا قدمنا أن ابن الزبير كساها الديباج قبل الحجاج ، ذكره الزبير بن بكار ، وذكرنا أيضاً أن خالد بن جعفر بن كلاب ممن كساها الديباج قبل الإسلام ، ثم كان الوليد بن عبد الملك فزاد في حليها ، وصرف في ميزابها وسقفها ما كان في مائدة سليمان بن داود عليهما السلام من ذهب وفضة ، وكانت قد احتملت إليه من طليطلة من جزيرة الأندلس ، وكانت لها أطواق من ياقوت وزبرجد ، وكانت قد احتملت على بغل قوي فتفسخ تحتها ، فضرب منها الوليد حلية للكعبة ، فلما كان أبو جعفر المنصور وابنه محمد المهدي زاد أيضاً في إتقان المسجد ، وتحسين هيئته ، ولم يحدث فيه بعد ذلك عمل إلى الآن . وفي اشتراء عمر وعثمان الدور التي زادا فيها دليل على أن رباع أهل مكة ملك لأهلها ، يتصرفون فيها بالبيع والشراء إذا شاءوا ، وفي ذلك اختلاف . < فهرس الموضوعات > سراق كنز الكعبة < / فهرس الموضوعات > سراق كنز الكعبة : وذكر ابن إسحاق دويكاً الذي سرق سوق كنز الكعبة ، وتقدم أن سارقاً سرق من مالها في زمن جرهم ، وأنه دخل التي فيها كنزها فسقط عليه حجر فحبسه فيها ، حتى أخرج منها ، وانتزع المال منه ، ثم بعث الله حية لها رأس كرأس الجدي ، بيضاء البطن سوداء المتن ، فكانت في بئر الكعبة خمسمائة عام فيما