فذكره عيسى صلى الله عليه وسلم فقال : اسمه أحمد ، وذكره موسى صلى الله عليه وسلم حين قال له ربه : تلك أمة أحمد ، فقال : اللهم اجعلني من أمة أحمد ، فبأحمد ذكر قبل أن يذكر بمحمد ؛ لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له فلما وجد وبعث ، كان محمداً بالفعل . وكذلك في الشفاعة يحمد ربه بالمحامد التي يفتحها عليه ، فيكون أحمد الحامدين لربه ، ثم يشفع فيحمد على شفاعته . فانظر : كيف ترتب هذا الاسم قبل الاسم الآخر في الذكر والوجود ، وفي الدنيا والآخرة تلح لك الحكمة الإلهية في تخصيصه بهذين الاسمين ، وانظر : كيف أنزلت عليه سورة الحمد وخص بها دون سائر الأنبياء ، وخص بلواء الحمد ، وخص بالمقام الحمود ، وانظر : كيف شرع لنا سنةً وقرآناً أن نقول عند اختتام الأفعال ، وانقضاء الأمور : الحمد لله رب العالمين . قال الله سبحانه وتعالى : « وقُضي بينهم بالحقِّ وقيل الحمدُ للَّهِ ربِّ العالمين » الزمر . وقال أيضاً : « وآخرُ دَعْواهم أنِ الحمدُ للَّهِ ربِّ العالمين » يونس . تنبيهاً لنا على أن الحمد مشروع لنا عند انقضاء الأمور . وسن صلى الله عليه وسلم الحمد بعد الأكل والشرب ، وقال عند انقضاء السفر : آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون . ثم انظر لكونه عليه السلام خاتم الأنبياء ، ومؤذناً بانقضاء الرسالة ، وارتفاع الوحي ، ونذيراً بقرب الساعة وتمام الدنيا مع أن الحمد كما قدمنا مقرون بانقضاء الأمور ، مشروع عنده تجد معاني اسميه جميعاً ، وما خص به من الحمد والمحامد مشاكلاً لمعناه ، مطابقاً لصفته ، وفي ذلك برهان عظيم ، وعلم واضح على نبوته ، وتخصيص الله له بكرامته ، وأنه قدم له هذه المقدمات قبل وجوده تكرمةً له ، وتصديقاً لأمره صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم .