جمعته ، والرؤيا تعبر على اللفظ تارة ، وعلى المعنى أخرى ، فقد اجتمع اللفظ والمعنى في هذا التأويل والله أعلم . معنى لا تذم ولا تنزف في صفة زمزم : وقد قيل لعبد المطلب في صفة زمزم : لا تنزف أبداً ، ولا تذم ، وهذا برهان عظيم ، لأنها لم تنزف من ذلك الحين إلى اليوم قط ، وقد وقع فيها حبشي فنزحت من أجله ، فوجدوا ماءها يثور من ثلاثة أعين ، أقواها وأكثرها ماء : من ناحية الحجر الأسود ، وذكر هذا الحديث الدارقطني . وقوله : ولا تذم ، فيه نظر ، وليس هو على ما يبدو من ظاهر اللفظ من أنها لا يذمها أحد ، ولو كان من الذم لكان ماؤها أعذب المياه ، ولتضلع منه كل من يشربه ، وقد تقدم في الحديث أنه لا يتضلع منها منافق ، فماؤها إذاً مذموم عندهم ، وقد كان خالد بن عبد الله القسري أمير العراق يذمها ، ويسميها : أم جعلان ، واحتفر بئراً خارج مكة باسم الوليد بن عبد الملك ، وجعل يفضلها على زمزم ، ويحمل الناس على التبرك بها دون زمزم جرأ منه على الله عز وجل وقلة حياء منه ، وهو الذي يعلن ويفصح بلعن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على المنبر ، وإنما ذكرنا هذا ، أنها قد ذمت ، فقوله إذاً : لا تذم من قول العرب : بئر ذمة أي : قليلة الماء ، فهو من أذممت البئر إذا وجدتها ذمة : كما تقول : أجبنت الرجل : إذا وجدته جباناً ، وأكذبته إذا وجدته كاذباً ، وفي التنزيل : « فإنهم لا يُكَذّبونك ولكن الظالمين بآيات اللّه يَجْحدُون » الأنعام وقد فسر أبو عبيد في غريب الحديث قوله : حتى مررنا ببئر ذمة . وأنشد : مخيّسة خزراً كأن عيونها * ذمام الرّكايا أنكزتها المواتح فهذا أولى ما حمل عليه معنى قوله . ولا تذم ؛ لأنه نفي مطلق ، وخبر صادق والله أعلم وحديث البئر الذمة التي ذكرها أبو عبيد ، حدثنا به أبو بكر بن العربي الحافظ ، قال : أخبرنا القاضي أبو المطهر سعيد بن عبد الله بن أبي الرجاء قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد قال : حدثنا الحرث بن أبي أسامة . قال : حدثنا أبو النضر ، قال : حدثنا سليمان عن حميد عن يونس عن البراء قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فأتينا على ركي ذمة ، يعني : قليلة الماء ، قال : فنزل فيها ستة أنا سادسهم ماحة ، فأدليت إلينا دلو ، قال : ورسول الله صلى الله عليه وسلم على الركي ، فجعلنا