وأخرج إلي ستين علويا وقال : إياك أن يأتي الصباح إلا وقد بنيت عليهم وواريتهم . قال : فبنيت على تسعة وخمسين رجلا وأنا على وجل من ذلك ، وبقي غلام لا نبات بعارضيه . . . [1] له فتأملت وانسللت فخرجت فالتقاني . . . [2] السلطان وأخذوني ولا يشعر بي ولا إلى ما صار أمري فلذلك أبكي كيف خالفت أمرها وأزعجت قلبها ، وأنا أسأل الله تعالى أن لا يؤاخذني بذلك وأن يحسن الخلافة ويربط على قلبها بالصبر ويعظم لها الثواب والأجر . فقلت : فهل لها من الولد غيرك ؟ قال : لا والله إنها لم تملك سواي . فلم أملك من نفسي شيئا ، وقلت : ويلك يا نفس ماذا طلبت حطام الدنيا بعذاب الآخرة الأبدي [3] ، والله لأصنعن به معروفا لوجه الله تعالى . ثم إني أتيت إلى ولدي فقصصت عليه القصة فقلت : يا بني هل لك في نعيم لا يفنى ؟ قال : وما هو ؟ قلت : أقعدك مكانه وأبني عليك ما لا يضرك ، وإذا جاء الليل أتيتك وأخرجتك وتصنع مع هذا الغلام معروفا . فقال : يا أبتي إفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين . قال : فأخذت الغلام فقطعت ذؤابتيه وأتيت به إلى قدر هناك ألطخه بالسواد إلى أن عاد أسود ، ثم ألبسته ثيابا خلقة كهيئة غلمان البناء بعد ما أخذت عليه المواثيق أن لا يشعر بذلك أحدا ، وبنيت على ولدي وانفجر الصبح وقد بنينا على الجميع وانصرفنا من العمل ، وأخذت الغلام معي وقلت : تقعد عندي إلى الليل وإذا كان الليل أخرجتك فامض حيث شئت فتكتمه لي . فلما كان الليل وأنا مفكر في أمري خائف مما صنعت من الخليفة إن علم بي ومن زوجتي إن علمت بالبناء على ولدها ، فأغمي علي ، فلم أشعر إلا بالجارية تنبهني وقالت : إن الباب يطرق . فأوجست في نفسي خيفة فوق ما بي وقلت هو الهلاك لا محالة إن كان قد علم بي ، ثم قلت للجارية : قولي من هذا ؟ فقالت الجارية : من بالباب ؟ فقالت : أنا فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قولي لمولاك
[1] بياض في نسخة الأصل بمقدار أربعة أسطر . [2] بياض في نسخة الأصل بمقدار كلمة . [3] في نسخة الأصل : الأبد .