ادفع إلينا ولدنا وخذ ولدك ، فأقبلت الجارية فقصت الكلام ، فلم أملك نفسي دون أن خرجت فقلت : أيتها الامرأة ما شأنك ؟ فقالت : أيها الشيخ صنعت معروفا لوجه الله وأن الله لا يضيع أجر المحسنين ، سعيك قد عرفناه ، ومعروفك قد شكرناه ، تسلم ولدك وادفع إلينا ولدنا . وإذا والله ولدي لم يمسه ألم ودفعت إليها الغلام . . . . [1] . أخبرني أبو سعيد بن أبي الجار بقراءتي عليه من أصل . . . [2] بن سلمة ، قال : حدثنا جعفر بن سعيد أبو العباس ، قال : حدثني أبو جعفر الخواص . . . [3] . قال ابن المبارك : أردت الحج فمررت ببعض طرقات الكوفة فإذا أنا بامرأة تجر شاة ، فقلت لعلها تلقيها في بعض الخراب ، مرت بخربة وخربتين فلم تلقها حتى جاءت بها إلى دار فدقت الباب ، فخرج إليها أربع نسوة [ فقالت ] : شأنكم بهذه الشاة قد جئتكم بها . فدنوت منهن فقلت : فما تصنعن بها ؟ قلن : نأكلها . فقلت : لا يحل لكن ؟ فقلن : ما أخذناها حتى حلت لنا ، ما طعمنا طعاما منذ أربعة أيام ونحن أولاد لا تحل لنا الصدقة . فقلت : لا تحدثوا فيها حادثة حتى آتيكم ، ثم أتيت الرحل وأخذت ما كنت أريد أن انفقه في الحج ، فأتيتهم به حتى خذوا هذه وأنفقوها ، ثم أقمت حتى قدم الحاج ، فلما قدموا جئت إلى جماعة منهم أسلم عليهم فقالوا : يا أبا عبد الرحمن أي طريق أخذت فعهدنا بك في الموقف وأنت رافع يديك تدعو إلى الله عز وجل ، فكثر تعجبي من ذلك . ثم أتيت قوما أخذوا على طريق المدينة فقالوا : يا أبا عبد الرحمن أي طريق أخذت فعهدنا بك على الروضة وأنت قائم تصلي . فطال علي يومي ، فلما كان الليل رأيت النبي ( صلى الله عليه وآله ) فيما يرى النائم كأنه داخل علي فقال : يا بن المبارك تعجبت مما قال لك الحاج ؟ فقلت : يا رسول الله إني لم أحجج . فقال : إن الله عز وجل لما رآك قد دفعت المال إلى ولدي خلق الله تعالى على صورتك ملكا وأمره أن يحج عنك ، وقد حج وقضى المناسك ، وأمره أن يحج عنك إلى يوم القيامة ويكتب ثواب ذلك لك [4] .
[1] بياض في النسخة بمقدار أربعة أسطر . [2] بياض في النسخة بمقدار نصف سطر . [3] بياض في النسخة بمقدار خمس كلمات . [4] تذكرة الخواص : ص 367 - 368 .